المصطلح في التراث النقدي وتأدية المعنى وتأدية معنى المعنى.. التناول المجازي الإلصاقي ونهج التناول التخيلي القائم على التعليل

كان المصطلح في التراث النقدي أكثر رسوخاً حسب وجهة نظر كمال أبو ديب، لدى دراسته لإنجاز عبد القاهر الجرجاني البياني وتصوراته الأساسية حول طبيعة اللغة والنحو والتعبير الأدبي والصورة والمعاني، وعرض آليتين جوهريتين من آليات التشكيل اللغوي هما تأدية المعنى وتأدية معنى المعنى، ومكانتهما في دراسة أنهاج التصور والتشكيل، وفصل الرأي حول آليات التشكيل الفني بالمقارنة مع نظرية رومان جاكبسون فيما يخص علاقتي المشابهة والمجاورة، وتواصلهما مع الاستعارة والمجاز المرسل، بلوغاً للتشكيل اللغوي أولاً، ثم الأدبي والفني ثانية، وأفضى تحليله إلى تطوير الجرجاني لتحديد عدد من الأنهاج الأساسية للتصور والتشكيل في العمل الأدبي، ومنها:
أ- نهج التناول المباشر الذي يتمثل في تأدية المعنى.
ب- نهج التناول الاستعاري الذي يمثل وجهاً من وجوه تأدية معنى المعنى، ويقوم على عملية استبدال استعارية جوهرها علاقة المشابهة.
ج- نهج التناول الكنائي (وهو أيضاً وجه من تأدية معنى المعنى).
د- نهج التناول المجازي الإلصاقي (الذي يقوم على عملية استبدال لا تستند إلى علاقة المشابهة، بل إلى واحد من الأوجه المتعددة لعلاقات المجاورة).
هـ- نهج التناول التخيلي القائم على التعليل، وفي جوهره علاقة مشابهة مركبة، غالباً ما تكون خفية، وعملية مواجهة فكرية أو ذهنية، أسماها الجرجاني خداعاً للنفس وإيهاماً.
دقق أبو ديب هذه الأنهاج لدى المقارنة بين الجرجاني وجاكبسون، وخلص إلى تقدير مفاهيم الجرجاني الدقيقة والمستوعبة لأنهاج التشكيل المختلفة، فيما هي أعمق وأقرب إلى التراث والحداثة، عند العناية بالتخييل وفهم التصاقه بالنهج الاستعاري والتعبير الرمزي وعلاقة المشابهة، و"بهذا المعنى فإن التخييل، والنهج التخييلي في التصور والتشكيل، هو أشد الأنهاج انضغاطاً واختزالية وكثافة في صيغته اللغوية التطبيقية ولحظة تجليه على مستوى النص الكلي".
إن جوهر دراسة المصطلح في الموروثات اللغوية والنقدية هو العراقة والأصول ضمن مراعاة الخصائص الثقافية والتشكلات الاصطلاحية من التراث إلى الحداثة، بما ينفي مجرد النقل أو التأثير الحديث من الثقافات الأجنبية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال