الحرية الإعلامية والرقابة الصارمة على جامع الرسالة الإعلامية.. تفادي إيقاع المؤسسة الإعلامية والجمهور وأركان المادة الإعلامية في مأزق بالتحري والرقابة

الرقابة الصارمة على جامع الرسالة الإعلامية؛ فيجب أن يتابع الإعلامي المباشر لجمع المادة الإعلامية من مرجعه لضمان عدم وقوعه في التجاوزات.

وقد تابع سليمان عليه السلام الهدهد في خبره ولم يأخذه على عواهنه حين أتاه بخبر ملكة سبأ، ولا يخلو خطاب سليمان عليه السلام للهدهد من تهديد إن كان كاذباً.

قال تعالى: "قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ" ([1]).
والنظر هو التأمل والتصفح، وأراد أصدقت أم كذبت([2])، إلا أنَّ (كنت من الكاذبين) أبلغ من قوله أكذبت، لأن المعنى يكون "أم كنت من الذين اتصفوا بالكذب وانخرطوا في سلك الكاذبين"([3]).

يقول ابن العربي "للوالي أن يمتحن أعذار الرعية إذا تعلق ذلك بحكم شرعي كما فعل سليمان مع الهدهد([4])".

وكذلك قال القرطبي وأضاف أن سليمان عليه السلام غاظه ما سمع عن عبادتهم للشمس فطلب منه الانتهاء إلى ما أخبر به وتحصيل علم ما غاب عنه من ذلك([5]).

ومن أقوال العلماء فيما سبق يتبين لنا كيف أن سليمان قبل عذر الهدهد في التأخر، إلا أنه حين أتى بخبر يخص قوماً آخرين مما يستلزم اتخاذ قرارٍ نحوهم بالجهاد أو غيره فإنه لم يقبل خبر الهدهد مباشرة بل أخبره بأنه سيتأكد من هذه المعلومة هل هي صادقة أم كاذبة.

قال القرطبي "إنّ على الوالي أن يتأكد ويمتحن من أتى بخبر يتعلق بأحكام شرعية.
كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المغيرة بن شعبة حين قال (شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة) فقال عمر إيتني بمن يشهد معك فشهد له محمد بن مسلمة"([6]).

فكذلك الإعلامي يجب أن تكون وراءه رقابة تتحرى صدقه وتكشف كذبه حتى لا يوقع المؤسسة الإعلامية والجمهور، وأركان المادة الإعلامية في مأزق يمكن تفاديه بالتحري والرقابة.

([1]) سورة النمل، الآية 27.
([2]) محمود بن عمر الزمخشري ، الكشاف، دار إحياء التراث العربي، لبنان، ط1، 1997م، ج3 ص367.
([3]) الحنبلي، اللباب في علوم الكتاب، ج15 ص150.
([4]) ابن العربي، أحكام القرآن، ج3 ص370.
([5]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج13 ص189.
([6]) المرجع السابق، ج13 ص189- 190.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال