البعد عن اللبس وتجنب الألفاظ التي قد يفهم منها معنى غير المتبادر إلى الذهن، فقد نهى الله عباده المؤمنين عن مشابهة اليهود في تحريف الكلام عن معناه.
فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم"([1]).
يقول ابن كثير رحمه الله: "نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وأفعالهم لأن اليهود كانوا يختارون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص فإذا أرادوا أن يقولوا اسمع لنا يقولون راعنا ويورون بالرعونة"([2]).
قال البغوي "كانت سباً قبيحاً بلغة اليهود"([3]). وخروجاً من هذه الشبهة أمرهم أن يقولوا بدلاً منها (انظرنا) وهي مرادفة لراعنا في المعنى ولكن لا يستطيع اليهود تحريفها وإمالتها([4]).
وفي الآية نداء للمؤمنين بصفة الإيمان وحث لهم على الاستجابة ونهي لهم عن إيراد هذه اللفظة على ألسنتهم ويدخل معها في الحكم ما شابهها من الألفاظ التي تحتمل سباً أو تعريضاً بقذف أو تحتمل معنى مناقضاً للمتبادر، لأنَّ في استخدام مثل تلك الألفاظ مع جمهور كبير من الناس تتفاوت معارفهم ومستويات تعليمهم وتختلف مشاربهم، ضياع للمقصود من الرسالة الإعلامية.
وقد تورث اختلافاً بين الناس تضيع معه الفائدة فضلاً عن ما قد يرد إلى قلوب الجمهور من شك في سلامة مقصد المرسل مما يسيء إلى كلا الطرفين.
فالأولى التأكيد على تجنب إستخدام مثل هذه الألفاظ عبر وسائل الإعلام.
([1]) سورة البقرة، الآية104.
([2]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج1 ص256.
([3]) محمد بن الحسن الفراء البغوي، معالم التنزيل، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض ط4، 1997م، ج1 ص152.
([4]) سيد قطب، في ظلال القرآن، ج1 ص124- 135.
التسميات
حرية إعلامية