السوق الوطنية والعولمة.. إجراء تعديل على الرأسمالية الوطنية وخفض دور السلطات الوطنية وضرب الاستقلال السياسي الذاتي

لقد قتلت العولمة السوق الوطنية التي هي أحد أسس سلطة الدولة/ الأمة وإن إلغاءها يعني إجراء تعديل على الرأسمالية الوطنية وخفض دور السلطات الوطنية، فالدولة، لم يبق لها الوسائل لمعارضة الأسواق.

وباتت لا تملك سوى احتياطاتها للصرف للمعاكسات المحتملة لحركة النقد الأجنبي المعادية، والبنوك المركزية لكونها أصبحت مستقلة وفي هذه الحالة غدا حجم هذه الاحتياطات ضعيفاً بشكل مضحك، في مواجهة القوة الضاربة للسوق. لقد أصبحت الدول مجردة من الوسائل القادرة على مكافحة أو كبح التدفقات الهائلة لرؤوس الأموال، أو من أجل معاكسة عمل الأسواق ضد مصالحها ومواطنيها.

وتقبل الحكومات احترام التعليمات العامة للسياسة الاقتصادية، التي تحددها المنظمات العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، أو منظمة التجارة العالمية، وتستخدم في أوربا "معايير التقارب" المشهورة التي قررتها معاهدة ما ستريخ "مديونيات عمومية مخفضة، حسابات خارجية دون انحرافات خطيرة، تضخم مستمر" ممارسة دكتاتورية حقيقية على سياسة الدول، وهشاشة في أسس الديموقراطية، وتفاقم في المعاناة الاجتماعية.

فإذا كان الحكام يؤكدون أيضاً الاعتقاد بالاستقلال السياسي الذاتي، فإن إرادة المقاومة لديهم تصبح نوعاً من الحيلة أو الخديعة، لأنها تتطلب "جهوداً من التكيف" مع هذه الأوضاع، بإلحاح عنيف، وماذا إذا تكشفت في مثل هذه الظروف؟ كل ذلك، يسمح، وببساطة، بتفوق الأسواق وعجز الناس السياسيين.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال