يجب عدم الخوض في ما لم تتوفر مادته الإعلامية أو ما ليس للإعلامي به علم. لأن ذلك يوقع الإعلامي في حرجٍ ويفقده مصداقيته خاصة حين تثار تساؤلات الجمهور ويُكتشف عدم إلمامه بالموضوع، وقد عاب الله عز وجل على أقوامٍ خاضوا في ما ليس لهم به علم فضلوا وأضلوا.
قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ* هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"([1]).
وقال تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ"([2]).
ذكر المفسرون في معنى الآية الأولى أن الاستفهام هو للتعجب من حماقتهم وقلة عقولهم حيث يجادلون في أمور يجهلونها([3]).
يقول سيد قطب رحمه الله: "في الآية تنديدٌ بهم وإسقاط قيمة ما يدلون به من حجج لأن من كانت هذه حاله فهو غير جدير بالثقة فيما يقول بل غير جدير بالاستماع أصلاً"([4]).
وذكر الشوكاني في معنى الآية أي "هأنتم هؤلاء الرجال الحمقى حاججتم بالباطل فيما لا علم لكم به"([5]).
وذكر الألوسي في معنى الآية الثانية "أنها راجعة إلى تعاطي الجدل دون علم ولا برهان ولا استدلال صحيح يهدي إلى المعرفة"([6]).
وقد تبين لنا من خلال هذه الآيات وأقوال المفسرين فيها أنه يجب عدم الخوض فيما لا علم لنا به وليس لدينا فيه معرفة أو حجة، وأن ذلك من الحماقات التي عابها الله على عموم اليهود والمشركين فكيف بمن يعتلي منبراً إعلامياً ويتحدث فيما ليس له به علم لذلك يجب وينبغي على الإعلامي أن يبتعد عن مثل هذه المسالك رأفة بنفسه وبالجمهور.
([1]) سورة آل عمران، الآيات 65- 66.
([2]) سورة الحج، الآيات 8.
([3]) الزمخشري، الكشاف، ج1 ص398.
([4]) سيد قطب، في ظلال القرآن، ج3 ص212.
([5]) الشوكاني، فتح القدير، ج1 ص312- 313.
([6]) الألوسي، روح المعاني، ج17ص149.
التسميات
حرية إعلامية