التربية المدنية.. إكساب المتعلم سلوكات ومواقف وتنمية القيم الخلقية

في عصر العولمة، حيث أصبح العالم قرية كبيرة، وحيث بلغت وسائل الاتّصال أبعادا لم يسبق لها مثيل، وحطّمت كلّ الحواجز والحدود بين البلدان والأمم.
فتربية الأطفال ينبغي أن تتوجّه إلى تكوين مواطني الغد، ليس بغرض تكوين رجال أمّة فحسب، بل ليكون إنسان الألفية الثالثة (مواطن العالم) قويا بقيمه وهويّته الثقافية الوطنية، ومتشبّعا بالقيم العالمية (حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، الواجبات المتعلّقة بالمواطنة، احترام الغير والتسامح، روح العدالة).
ولا ينبغي أن تقتصر التربية المدنية في المدرسة على تلقين مبادئ أو معلومات ومعارف مجرّدة في ذهن التلميذ، بل يجب أن تشمل مجالا أوسع، ألا وهو تربية شاملة هدفها إكساب التلميذ سلوكات ومواقف، أي حسن التصرّف، وحسن التعايش.
وقد عرفت الجزائر منذ نهاية الألفية الماضية تحوّلات سريعة على المستويين السياسي والاقتصادي: فالديمقراطية، المواطنة، حقوق الإنسان، الحرّيات الفردية والجماعية (التي أصبحت مفاهيم تتجسّد تدريجيا في حياتنا اليومية)، وتفتّح السوق، عولمة الاقتصاد، تدويل الإعلام والاتّصال لم تعد مجرّد شعارات، بل حقائق ملموسة؛ لذا أصبحت مهمّة المدرسة في مواجهة هذه التطوّرات مهمّة أساسية.
فبالإضافة إلى مهمّتها التقليدية في نقل المعرفة، ينبغي أن تعلّم الطفل كيف يصبح مواطنا مسؤولا، قادرا على فهم تغيّرات المجتمع الذي يعيش فيه والمساهمة فيها مساهمة ناجعة.
ولا شكّ أنّ كلّ هذه الأسباب تعمل على أن تصبح التربية المدنية مادّة كاملة الحقوق.
وينبغي أن يدرج تعليم التربية المدنية من السنة الأولى الابتدائية استمرارا للتعلّمات الأولى في الأسرة.
وبالفعل، فإنّ الطفل يتعلّم الحياة ضمن الجماعة في الأسرة بصفة واقعية (توزيع الأدوار، التضامن، تقبّل الآخر...).
كما تنمّي التربية المدنية لدى الطفل القيم الخلقية كالنزاهة، الشجاعة، بذل الجهد وحبّ العمل المتقن، احترام النفس واحترام الآخرين بفروقهم، حبّ الوطن.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال