في عالم يتميّز بسرعة التطوّر، فإنّ كلّ المنظومات التربوية مطالبة بتفعيل مناهجها وإستراتيجياتها، وذلك بالنظر إلى مهامّها الأساسية الدائمة والمشتركة التي تتمثّل في: التعليم، والتنشئة الاجتماعية، والتأهيل.
وتمثّل هذه المرجعية - ذات الميّزات التقنية والمنهجية - وثيقة توجيهية موجّهة أساسا إلى تأطير أعمال التصوّر والإعداد والتكييف للمناهج والإستراتيجيات البيداغوجية. إنّها أولى المرجعيات ووسيلة مصادقة على المناهج في آن واحد.
وقد تزوّدت العديد من البلدان والمنظومات التربوية بهيئات » اليقظة والسهر «التي توفّر لها باستمرار معلومات عن التأخّر والانحرافات التي تظهر خلال مسيرة التطوّر الحاصل في إستراتيجيات تطبيق السياسات التربوية الوطنية.
وعلى ضوئها تقوم بالتصحيحات الضرورية، تكون أحيانا على شكل إصلاحات عميقة، أو عمليات مراجعة آنية خفيفة، لكنّها في كلّ الحالات تتجنّب القطيعة في تطوّر المنظومة التربوية في حدّ ذاتها.
ولذا، فإنّ المنظومة التربوية الجزائرية لا يمكنها أن تشذّ عن القاعدة، فاتّخذت الحكومة إجراءات، ثمّ وافق عليها البرلمان بغرفتيه في شهر جويلية 2002، ورسمت أهدافا ذات أولوية، هي:
1- تعزيز وتنشيط الاختيارات الوطنية للمنظومة التربوية، وذلك بدعم وترسيخ مكتسباتها في مجال الجزأرة، والديمقراطية والتوجّه العلمي والتكنولوجي.
2- تحسين المردود النوعي للمنظومة، تصحيح وتقويم الاختلالات التي تعيق نموّها ووجاهة عملها.
3- الأخذ في الحسبان التغيّرات الطارئة على المستويين الوطني والعالمي في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
4- تجذير المنظومة التربوية في الحركة الواسعة للتغيير والتنمية في مجاليّ المعرفة الإنسانية والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتّصال.
وقد عُزّزت هذه الإجراءات بالقانون التوجيهي رقم 08 – 04 المؤرّخ في 23 ينايـر 2008 الذي أكّد المهام المعتادة للمدرسة، وألحّ على المهمّة الرئيسة، ألا وهي: تدعيم قيم الهوية التي تربط التلميذ بمجتمعه ووطنـه، وتاريخه وفضائه الجغرافي.
وقد أدّى تطبيق إجراءات الإصلاح هذه في مختلف القطاعات الوزارية المعنية إلى خلق فرصة لا تعوّض للتكفّل الحازم والمنهجيّ، وفي إطار منسّق، بتطبيق سياسة تربوية رشيدة ومستمرّة في مجال التغيير، ثمّ التعديل الدوري للمناهج ومسارات التعليم والتكوين الملائمة، والتي تشرف عليها وزارة التربية الوطنية.
ويشكّل التغيير البيداغوجي حجر الزاوية في المنظومة التربوية المجدّدة والمخطّطة في إطار الإصلاح الذي باشرته وزارة التربية الوطنية.
وهي مهمّة ترتكز على ما استجدّ في مجال العلوم التربوية، وعلى مكتسبات المنظومات الناجحة عبر العالم.
إنّها مبنية أساسا على:
1- ضرورة استعادة التلميذ لمكانته في مسار التعليم والتعلّم؛
2- ضرورة تغيير النموذج البيداغوجي الحالي الذي تسود فيه المعارف الموسوعية المبنية على حفظ/واسترجاع للمعلومات، إلى نموذج يفضّل قدرات التلميذ على البرهنة وكفاءاته على استعمال عقله الناقد.
3- تحضير التلميذ إلى التنمية المستمرّة لكفاءاته بتعليمه كيف يتعلّم، ويتكيّف ويتصرّف بكلّ استقلالية في مختلف وضعيات الحياة اليومية.
التغيير البيداغوجي يتطلّب بالضرورة من المدرسة أن تفكّر إذن في المبادئ الأساسية، وكيفيات التنظيم البيداغوجي والإداري، والمناهج، وتكوين المؤطّرين.
التسميات
مناهج تربوية