التواصل البيداغوجي.. إقامة العلاقة بصورة غير مباشرة عبر وسائط كثيرو متعددة وفّرتها الثورة التكنولوجية والإعلامية الهائلة

تغير نظام التواصل في المحيط الحضاري وعدم مواكبة المدرسة للثورة الإعلامية التي يعيشها المتعلم في البيئتين الأولى والثالثة، فلم تعد العلاقة التواصلية محصورة في التعامل المباشر بين الباث والمتلقي، وإنما أصبح بالإمكان إقامة هذه العلاقة بصورة غير مباشرة عبر وسائط كثيرو متعددة وفّرتها الثورة التكنولوجية والإعلامية الهائلة.

فأصبحت الشاشة بديلا عن المدرس في كثير من المسائل والقضايا التي يجد فيه المتلقي من الجاذبية ومن الحوافز ما يمنحها من الحيوية والقدرة على إثارة الاهتمام أكثر مما يجده لدى المدرس في القسم.

بل لقد أصبح الباث عبر هذه الشاشات المختلفة المتنوعة يستطيع أن يبلغ رسالته إلى متلقين بعيدين لا يلتقي بهم ولا يراهم ولا يتلقى ردود فعلهم، ودون أن يعلم نوعية الاستجابة الحاصلة لديهم بحيث أصبحت العملية التواصلية أقرب إلى الاتجاه الواحد.

فهناك طرف يؤثر ولا يتأثر هو جهاز الباث، وآخر يتأثر ولا يؤثر وهو المتلقي أو المشاهد، فهل نستمر على اعتبار هذه العلاقة تواصلا، وليس فيها تبادل؟ أم يكون على علوم التربية أن تراجع نظرياتها وكل القيم والأحكام والقواعد البيداغوجية التي أقامتها على مفهوم التواصل الذي أخذ في التراجع ليفسح المجال إلى أنواع جديدة من العلاقات التربوية هي أقرب إلى علاقة المثير بالمستجيب.

لقد بدأ اليوم الذي يستغني فيه المتعلمون عن المدرس يقترب دون شك، وعلى علوم التربية أن تعد العدة لمواجهة المشاكل البيداغوجية التي سوف تطرحها عليها الوسائط المتعددة بما تحمله من تقليص لدور المدرس إلى أقصى حد، لتكون هي البديل عنه، أو على الأقل لتحلّ محلّه في المساحات التربوية الشاسعة التي سوف تحررها من سلطته ونفوذه.

فهل من سبيل إلي نظرات بيداغوجية جديدة تقنن هذه العلاقات الجديدة وتنظم سبل التواصل من خلالها؟.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال