المدرسة ونقل الثرات الثقافي.. اختيار الجوانب التي لها قيمة في التراث الاجتماعي بالنسبة للشخص والعناصر التي تضمن تكاملا في اتجاهات الفرد ومفاهيمه

إن تحليل معنى المجتمع والثقافة وعلاقة الشخصية بهما يبرز لنا أهمية العملية الاجتماعية التي تنتقل بها آداب السلوك العامة والقيم والمعاني والأنماط الثقافية من جيل إلى جيل.

وطبيعة الحياة الاجتماعية للأفراد من حيث الاختلاف في أعمارهم واختفاء بعضهم وظهور بعضهم الآخر يجعل عملية النقل عملية اجتماعية ضرورية لاستمرار النضج الاجتماعي.

غير أن هذه العملية ليست آلية، فالمجتمعات المتمدنة قد تسير إلى الوراء إن لم تبدل جهودا حقيقية في سبيل نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل. لهذا يبدو أن الحاجة إلى التعليم أمر بديهي في المجتمعات لاستمرار وجودها وتطورها.

فالناس يعيشون في جماعة بفضل ما يشتركون فيه من أشياء عامة وبفضل عملية الاتصال والنقل التي يحصلون بها على الأشياء المشتركة العامة التي تجعل منهم جماعة.

وهذه الأشياء المشتركة العامة هي الأهداف والمعتقدات والآمال والمعارف والمفاهيم المشتركة، وهذه كلها تساعد على إيجاد عقلية متشابهة بين أفراد الجماعة لأن النقل والإيصال الذي يتضمن مشاركة الأفراد في تفهم مشترط هو الذي يحقق اتجاهات عقلية وانفعالية متشابهة، أي طريقة متشابهة للاستجابة لتوقعات الحياة ومطالبها.

إن قيم المجتمع على التماسك في إطار أهداف مشتركة يعني هذا أكثر من التعاون بهم، وفهم متطلباتهم وحاجاتهم ومساعدتهم على فهم أعراضه وحاجاته، ومعنى هذا كله ضرورة توافر ما نسميه "بالإجماع" الذي لا يمكن وجوده إلا عن طريق عمليات النقل والاتصال الاجتماعي.

فعملية النقل قد تتم بطريقة واعية الذي نعمله ويمكنه عن طريقها أن يواجه مواقف الحياة على أساس من التبصر والمعرفة وتزويده بما يلزم من المواقف المختلفة من معارف ومهارات سبق أن تثبت صحتها من خبرات أجيال أخرى.

وقد تتم هذه العملية بالضغط الاجتماعي أو الدعاية أو بأي نوع آخر من التعليم، ولهذا فإن المدرسة وبجانبها مختلف المؤسسات المكلفة بالتربية، تواجه عدة مشكلات لقيامها بهذه الوظيفة.

ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها بالنسبة لهذه الوظيفة هي اختيار الجوانب التي لها قيمة في التراث الاجتماعي بالنسبة للشخص وكذلك اختبار العناصر التي تضمن تكاملا في اتجاهات الفرد ومفاهيمه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال