المسرح الذهني (العقلي).. مخاطبة العقل لا العاطفة والتركيز على الجانب الفكري والميل إلى الرمز والصراع يكون بين أفكار مختلفة

يعتمد المسرح الذهني (العقلي) على مخاطبة العقل لا العاطفة ويكون التركيز فيه على الجانب الفكري ويميل إلى الرمز فكل شخصية في المسرحية تعبر عن رمز يقصده المؤلف.

وكذلك الصراع يكون بين أفكار مختلفة ومن أشهر كتّاب هذا اللون توفيق الحكيم ومن أشهر مسرحياته (أهل الكهف) و (بجماليون).

كتب الحكيم الكثير من المسرحيات وكانت مسرحياته من النوع الذي يطلق عليه المسرح الذهني والذي كتب ليقرأ فيكتشف القارىء من خلاله عالما من الدلائل والرموز التي يمكن اسقاطها على الواقع في سهوله ويسر لتسهم في تقديم رؤيه نقديه للحياه والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي.

وهو يحرص على تأكيد تلك الحقيقه في العديد من كتاباته، ويفسر صعوبه تجسيد مسرحياته وتمثيلها على خشبه المسرح فيقول (إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن واجعل الممثلين افكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتديه أثواب الرموز... لهذا اتسعت الهوه بيني وبين خشبه المسرح ولم أجد قنطره تنقل متل هذه الأعمال الى الناس غير المطبعه   ) .

وقد كتب الحكيم الكثير من المسرحيات الذهنيه من اشهرها:

1- مسرحيات أهل الكهف:

لقد تألق الحكيم وأشتهر ككاتب مسرحي بعد النجاح الذي حققته مسرحية أهل الكهف والتي نشرت عام 1933 والتي مزج فيها بين الرمزيه والواقعية على نحو فريد يتميز بالخيال والعمق دون تعقيد أو غموض وطبعت هذه المسرحية مرتين في عامها الأول كما ترجمت إلى الفرنسية والإيطالية والأنجليزية، وهذا أكبر دليل على شهرتها.

والجدير بالذكر أن المسرح القومي قد افتتح بها نشاطه المسرحي فكانت اول العروض المسرحيه المعروضة فيه هي أهل الكهف وكان ذلك عام 1935 وكان مخرجها الفنان الكبير زكي طليمات، ولكن للأسف كان الفشل حليفها، واصطدم الجميع بذلك حتى الأستاذ توفيق الحـكيم نفسه الذي عزا السبب في ذلك إلى أنها كتبت فكرياً ومخاطبة للذهن ولا يصلح أن تعرض عملياً 

  إن محور هذه المسرحية يدور حول صراع الإنسان مع الزمن.
وهذا الصراع بين الإنسان والزمن يتمثل في ثلاثة من البشر يبعثون إلى الحياة بعد نوم يستغرق أكثر من ثلاثة قرون ليجدوا أنفسهم في زمن غير الزمن الذي عاشوا فيه من قبل.

وكانت لكل منهم علاقات وصلات اجتماعية تربطهم بالناس والحياة، تلك العلاقات والصلات التي كان كلاً منهم يرى فيها معنى حياته وجوهرها.

وفي حينها وعندما يستيقظون مرة أخرى يسعى كل منهم ليعيش ويجرد هذه العلاقة الحياتية، لكنهم سرعان ما يدركون بأن هذه العلاقات قد انقضت بمضي الزمن؛ الأمر الذي يحملهم على الإحساس بالوحدة والغربة في عالم جديد لم يعد عالمهم القديم وبالتالي يفرون سريعاً إلى كهفهم مؤثرين موتهم على حياتهم.

2- مسرحية ”بيجماليون“ ونشرت عام 1942:

 وهي من المسرحيات الذهنية الشهيرة للحكيم، وهي من المسرحيات التي اعتمد فيها الحكيم على الأساطير، وخاصةً أساطير الإغريق القديمة.

والأساطير إدراك رمزي لحقائق الحياة الإنسانية التي قد تكون قاسية.
وهدفها خلق نوع من الانسجام بين الحقائق الإنسانية حتى تستطيع أن تستجمع إرادتنا وتوحد قوانا ويتزن كياننا المضطرب.

وحسب هذا المفهوم استغل الحكيم الأساطير وخاصةً الأساطير اليونانية، فكتب ثلاث مسرحيات أحداثها مستوحاة من التراث الإغريقي الأسطوري وهي: ”براكسا” و”بيجماليون” و”الملك أوديب “.
ولكنه بثّ في هذه المسرحيات أفكاره ورؤيته الخاصة في الموضوع الذي تتحدث عنه كل مسرحية.

3- مسرحية ”براكسا” أو ”مشكلة الحكم“ ونشرت عام 1939:

وهي أيضاً مستقاة من التراث الإغريقي. ويظهر الحكيم من خلال هذه المسرحية وهو يسخر من الإطارالإغريقي من النظام السياسي القائم في مصر وهو الديموقراطية التي لم تكن في تقدير الحكيم تحمل سوى عنوانها.

وفي هذه المسرحية التي تحمل الطابع الأريستوفاني جسدّ الحكيم آراؤه في نظام الأحزاب والتكالب على المغانم الشخصية والتضحية بالمصالح العامة في سبيل المنافع الخاصة.

4- مسرحية ”محمد“ ونشرت عام 1936:

لم تتجلى الموهبة العبقرية  للحكيم كما تجلت في مسرحيته ”محمد” وهي أطول مسرحياته بل أطول مسرحية عربية.
وربما بسبب طولها فإنه من الصعب وضعها على المسرح. وقد استقى الحكيم مادتها من المراجع الدينية المعروفة.
والمسرحية بمثابة سيرة للرسول عليه السلام، إذ أنها تشمل فقرات من حياة الرسول تغطي أهم جوانب تلك الحياة.

وهناك الكثير غير هذه المسرحيات الآنفة الذكر كتبها الحكيم، ومن أشهر مسرحياته: ”شهرزاد” و ”سليمان الحكيم” و ”الملك أوديب” و ”إيزيس” و ”السلطان الحائر”... وغيرها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال