المدرسة المغربية وتحقيق أهداف الديمقراطية وإعداد الوطنيين والمقاومين الذين يسعون إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي قبل الاستقلال

كان الشعب المغربي قبل الاستقلال و بعده يعقد آمالا كبيرة على المدرسة المغربية في مختلف مستوياتها التربوية و التعليمية.

فقبل الاستقلال كان يريد منها أن تحقق أهداف الديمقراطية و إعداد الوطنيين و المقاومين الذين يسعون إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية والعسكرية.

وهو ما قامت بجانب كبير منه المدارس الأهلية التي كان يمولها الشعب المغربي حتى تقوم بدورها كاملا لصالحه، وإلى جانب المدارس الأهلية كان هناك التعليم الأصيل الذي قام بنفس الدور، كما يدل على ذلك كون قادة المقاومة وجيش التحرير والزعماء الوطنيين من خريجي المدارس الأهلية والتعليم الأصيل.

وقلما نجد من بينهم من تخرج من مدارس الاحتلال الأجنبي التي أنشأها لإعداد أجيال تخدم مصالحه أثناء الاحتلال وبعده.

وقد أدت ذلك الدور فعلا، كما تجلى من خلال إعداد الكوادر المساعدة للاحتلال الأجنبي قبل الاستقلال، والتي خلفته من بعد خروج جنود الاحتلال في الإمساك بدواليب الدولة المغربية، وتسخيرها لخدمة مصالح استمرار الاحتلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لتصير مهمة المدرسة المغربية بعد ذلك متجسدة في إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية والمدنية والسياسية المتلائمة مع التحول الحاصل في طبيعة تعليمات المؤسسات المالية الدولية التي تسير في اتجاه تحويل الاقتصاد الوطني إلى جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الرأسمالي العالمي.

وبهذه الصيرورة تتبخر الطموحات التقليدية للشعب المغربي في الحرية والديمقراطية و العدالة الاجتماعية، والتي لازالت فئات عريضة من المجتمع المغربي تتمسك بها.

و بدلها تصير فئات الشباب المستهدفة بتعليمات المؤسسات المالية الدولية، وباستغلال الشركات العابرة للقارات تحمل طموحات أخرى، لا شعبية ولا وطنية، ولا ديمقراطية ولا تحررية، إنها طموحات تتجسد في الرغبة الجارفة في الهجرة إلى البلدان ذات الأنظمة الرأسمالية العالمية هروبا من الفقر والجوع والمرض الذي صار يستهدف الفئات العريضة من الشباب الذي صار متعلما، وحاملا للشهادات، ولمختلف المؤهلات العلمية والمعرفية و التكنولوجية وغيرها مما يزخر به الشباب العاطل عن العمل، والذي يحرم من وجود اختيارات شعبية وديمقراطية و تقدمية وإنسانية تستطيع أن تستوعب مختلف الكفاءات التي تذهب سدى، وتعمل على الهجرة إلى أوربا، حتى تكون تلك الاختيارات مشجعة على عودة الكفاءات المهاجرة إلى المغرب.

والنضال من أجل تحقيق الاختيارات الشعبية و الديمقراطية يجب أن يتخذ مسار العمل الجبهوي انطلاقا من برنامج حد أدنى يأتي من بين بنوده إيجاد مدرسة وطنية تسعى الى تحقيق طموحات الشعب المغربي، وبمساهمة الأحزاب التقدمية والديمقراطية، و النقابات والمنظمات الحقوقية والجمعيات الثقافية و التربوية من اجل قيام تكتل فاعل يستطيع فرض تلك الاختيارات على المسؤولين حتى تصير منطلقا لتحقيق طموحات الشعب المغربي من قيام مدرسة وطنية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال