الوظيفة التعليمية التكوينية للمدرسة.. تعليم وتكوين الفرد بشكل يجعله مندمجا في الحياة العامة ومتفتحا على الآخر

في إطار هذه الوظيفة تقوم المدرسة بتعليم الأطفال القراءة والكتابة والحساب مع إكسابهم وتلقينهم المعارف الدينية والتاريخية والأدبية والعلمية واللغوية، عبر برامج ومقررات محددة حسب مختلف المواد المخصصة لكل مستوى وبشكل تدريجي ابتداء من التعليم الأولي إلى التعليم العالي مرورا بالأساسي والإعدادي والثانوي.

كما تسعى المدرسة خلال كل مرحلة تعليمية تحقيق وإكساب التلاميذ كفايات تواصلية، استراتيجية، منهجية، تكنولوجية وثقافية؛ وقيم ترتبط بالعقيدة وبالهوية الحضارية وبثقافة حقوق الإنسان والمبادئ الكونية.

وتهدف المدرسة بشكل عام خلال هذه الوظيفة تعليم وتكوين الفرد بشكل يجعله مندمجا في الحياة العامة ومتفتحا على الآخر.

لكن من خلال التجارب السابقة والحالية يلاحظ ان المدرسة قد انحرفت عن سكتها التعليمية والتربوية نظرا لصعوبة هذه الوظيفتين وكذلك لعدم توفر الشروط الضرورية للأعداد والتكوين العلمي والمهاري والمنهجي، ولعدم توفر شروط التأهل للاندماج في الحياة الاجتماعية.

فالمدرسة اليوم وجدت نفسها في حرج وأمام منافسة شديدة ولازدياد تطور الفنون المعرفية الأخرى، وتأثير الصورة بشكل خاص.

وبذلك لم تعد المدرسة تحتل نفس المكانة السابقة (بجانب المؤسسة الدينية) التي كانت تحتلها من حيث السلطة والاحتكار المعرفي، ولأن تطور وسائل الاتصال والإعلام وظهور الكومبيوتر و شبكة الانترنيت بمختلف برامجها وأنظمتها، مع انتشار التعليم المبرمج والتعليم عن بعد والقنوات التعليمية...

كل هذا ما زعزع مكانة المدرسة وجعل قيمتها في تدهور مستمر، وهذا له اثر بليغ على المتعلمين وبالتالي على المجتمع ومستقبله .فالمجتمعات التي أدركت هذا التغير الذي وقع على القنوات المعرفية وعلى المدارس، تمكنت من مسايرة المنافسة التي تواجهها المدرسة فتربط كل جديد بالمدرسة مما جعل هذه الأخيرة لم تحس يوما ما بزعزعة وظيفتها التعليمية والتكوينية.

فتقدم البحث العلمي وتوفير التراكم العلمي الجيد يمكن المجتمعات من تحديد ملامح وحاجات ورغبات واهتمامات وميولات أطفالها، وبالتالي انسجام كل سياسة تعليمية مع ظروف الواقع الذي يتطور بسرعة، عكس المدرسة المغربية التي مازالت ذات طابع تقليدي سواء في طرق التدريس أو على مستوى الوسائل الديداكتيكية وحتى الجانب المعرفي والمنهجي، مما جعلها تفقد مكانتها في حلبة الصراع التعليمي والتربوي.

فواقع المدارس المغربية اليوم يؤكد هذا الطرح: فعدم تطور البنيات المدرسية بشكل يوازي ارتفاع نسبة التمدرس، فنجم عن ذلك اكتظاظ مهول بالأقسام (قد وصل إلى 54 تلميذ في القسم الواحد أما قسم 40 تلميذ فقد أصبح عاديا) إضافة إلى نقص في التجهيزات وأطر التدريس.

أما ما زاد الطين بلة هي تلك الخريطة التربوية التي تحدد لكل أستاذ عدد التلاميذ الذين سيشملهم التكرار كما تحرص على أن تكون نسبة النجاح مرتفعة وأن تفوق في غالب الأحيان ما يزيد عن 90°/° (خاصة في التعليم الابتدائي الذي يعتبر الركيزة الأساسية).

وهذا ما ينتج لنا تلاميذ لا يعرفون القراءة والكتابة رغم أنهم في مستويات دراسية عالية (السادسة أو السابعة وحتى التاسعة ...) وذلك بسبب تراكم أخطاء الخريطة المدرسية.

فكثرة نسبة التلاميذ في القسم الواحد وارتفاع نسبة الذين يعانون من التخلف الدراسي يشكل مشكلا وعائقا تربويا كبيرا على التواصل والتفاهم بين المدرس و التلاميذ.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال