ضعف غيرة الرجال على النساء.. صور الانحلال الخلقي المشين والانتكاس البهيمي المهين التي عم عارها واستعرت نارها في عامة المجتمعات

قال ابن بطوطة في وصف (إيوالاتن): ولنسائها الجمال الفائق وهن أعظم شأنا من الرجال وشأن هؤلاء القوم عجيب وأمرهم غريب فأما رجالهم فلا  غيرة لديهم.
وأما نساؤهم فلا يحتشمن من الرجال ولا يحتجبن مع مواظبتهن على الصلوات.

والنساء هنالك يكون لهن الأصدقاء والأصحاب من الرجال الأجانب، وكذلك للرجال صواحب من النساء الأجنبيات ويدخل  أحدهم داره فيجد امرأته ومعها صاحبها فلا ينكر ذلك.

دخلت يوما على القاضي بايوالاتن بعد إذنه في الدخول، فوجدت عنده امرأة صغيرة السن بديعة الحسن، فلما رأيتها ارتبت وأردت الرجوع فضحكت مني ولم يدركها خجل وقال لي القاضي لم ترجع إنها صاحبتي فعجبت من شأنهما فإنه من الفقهاء الحجاج وأخبرت أنه استأذن السلطان في الحج في ذلك العام مع صاحبته لا أدري أهي هذه أم لا فلم يأذن له.

دخلت يوما على أبي محمد بن يندكان المسوفي الذي قدمنا في صحتبه فوجدته قاعدا على بساط وفي وسط داره سرير مظلل عليه امرأة معها رجل قاعد وهما يتحدثان فقلت له ما هذه المرأة فقال هي زوجتي فقلت وما الرجل الذي معها فقال هو صاحبها فقلت له أترضى بهذا وأنت قد سكنت بلادنا وعرفت أمور الشرع فقال لي مصاحبة النساء للرجال عندنا على خير وحسن طريقة لا تهمة فيها ولسن كنساء بلادكم فعجبت من رعونته وانصرفت عنه فلم أعد إليه بعدها واستدعاني مرات فلم أجبه.
رحلة ابن بطوطة ج: 2 ص: 776ـ777

وبعد هذه القرون السالفة حل هذا الزمن زمن التقدم والحضارة بفتنه وشهواته ليضيف فجاره وأشقياؤه إلى صفحات التاريخ الغابر صوراً أبشع مما سطره أسلافهم وأشنع، ففشت الفاحشة واستُمرِئت، وانتشرت الرذيلة وقُـنِّـنت، وانطفأت نـار الغيرة في قلوب أشباه الرجال وخبت.

نعم.. لقد بلغت فئات من البشر اليوم دركاً منحطاً من اللا أخلاقية والبهيمية لم تبلغه المجتمعات الجاهلية الأولى.

فلا يمكن أن نحصي صور الانحلال الخلقي المشين والانتكاس البهيمي المهين التي عم عارها واستعرت نارها في عامة المجتمعات، وبالأخص في المجتمعات الغربية الكافرة.

والأسرة المسلمة - حرسها الله - لم تكن بمعزل عن هذه المجتمعات المأفونة. فقد أجلب عليها أعداؤها بخيلهم ورَجِلهم ليفسدوا أخلاقها، ويصدوها عن دينها، حتى ظهرت في مجتمعات المسلمين مظاهر شتى من الفساد الخلقي فمُقِلٌّ ومستكثر.

وإن تعجب من تفشي هذه المظاهر في البلاد المسلمة، فالعجب الأكبر من قبول كثير من المسلمين ورضاهم بها حتى أصبحت الغيرة على حرمات الله في قلوبهم نسياً منسياً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال