تركيب النص الأدبي الشعري والنثري.. النص هو قاعدة القراءة والتحليل وهو الكل الفني المعتمد خارج سلطة المبدع أو المؤلف والاهتمام بالبحث عن الجوانب الابداعية والجمالية التي يوحي بها

النص الأدبي الشعري أو النثري، هو في حقيقة امره، تركيب فني من كلمات منتقاة ومختارة من لغة طبيعية معينة، لها اصولها النحوية والصرفية و دلالاتها المعجمية وصورها البلاغية و الجمالية التي تكون شخصيتها اللغوية والتعبيرية المتميزة من غيرها من اللغات.

ومن هنا فان لكل لغة ادبية مستواها الفني الخاص الذي يمثله النص/ المنتج الني على وفق اصول تلك اللغة اذا مت كان مثل هذا النص شعريا فيمكن النظر اليه بحسبانه (علامة واحدة تشير الى فكرة واحدة متميزة) وبذلك فان واقع  الكلمات أو الالفاظ في اية لغة، هو معنى محدد بفكرة  محددة، أي أن الكلمات هي الوجه الحسي المشرق حينا والمعتم حينا آخر لهذه الفكرة أو تلك، فإذا ما اختل موقع الكلمات تعبيريا أو أصابع التقعر الذي يسلمنا الى التعقيد فاستهلاك المعاني والشين قد يصاحب الالفاظ كما يرى ذلك بشر بن المعتمر المعتزلي (ت – 210 ﻫ) في رسالته التي نقلها لنا الجاحظ (ت – 255 ﻫ).

إن القلق الفني قد يتسرب الى مثل هذا النص الادبي اذ تختل وحدته النصية من حيث البناء والتكوين المرتبطان بروح التعبير عن المعاني بالفاظها او ايقاظ الالفاظ بمعانيها وبذلك فان اخفاق المبدع (صاحب النص) في النظر الى معادلة المعنى/ النص بتكافؤ وتعادل فننين، سيؤول الى ولادة نص قلق لا يخلق استجابة فنية عند تلقيه  فيطرحه جانبا ولا يعبا به باي حال من الاحوال.

وتجدر الاشارة الى ان ثمة فرقا بين قلق النص وبين ما يسمى في بعض الدراسات النقدية المعاصرة (بالارتجال الفني) الذي تخلفه لحظة الالهام المصاحبة لولادة النص.

فلكل نص نظام او بناء فني خاص مرتبط بعلائق دلالية وثوابت اسلوبية – بنائية ترشحه ليكون نصا ابداعيا، والا فهو اقرب الى كونه نصا قلقا ولا سيما اذا اخفق النص في تحقيق الاستجابة في نفس متلقيه/ القاريء الذي يعد ركنا جوهريا من اركان العملية النقدية، اي ان القراءة النصية هي المعيار النقدي الذي توزن بوساطتها جودة النص/ ثباته الفني او رداءة النص/ قلقه الفني ومن هنا قيل: (ان نصا بلا قراءة ليس نصا على الحقيقة ولا هو نص على الاطلاق).

فمبدع النص قلقا او ثابتا ذو علاقة حميمة، دون ريب بقاريء النص (فان معرفة المبدع قد تكشف في اية قراءة للنص عن فهم اعمق له تماما، كما ان النص في اية قراءة له قد يكشف هو الاخر عن ذات مبدعة).

قد يبدو هذا التصور توفيقا بين دعاة قراءة النص من الداخل ودعاة قرائته من الخارج، بمعنى ان النص وحده هو قاعدة القراءة والتحليل وهو الكل الفني المعتمد خارج سلطة المبدع او المؤلف اذ يتحقق ما يمكن تسميته (بالقراءة الحرة) اما كون النص جزءا يؤلف مع مبدعه وسلطته كلا فنيا، فهو اضاءة او قراءة لا يمكن ان تتحررمن سلطة المؤلف نفسيا و اخلاقيا مهما كانت موضوعية او منهجية، لان اثر تلك (السلطة) لايمكن تجاهله او الحد من تاثيره، فهي (قراءة مقيدة).

فقلق النص فنيا و ثباته فنيا لايقرره المبدع بقدر ما تقرره القراءة النصية الحرة للنص نفسه، بعيدا عن اي تاثير خارجي الا سلطة النص نفسه؛ اي ان الذوق التاريخي لا يخلو من تاثر بسلطة المبدع في حين ان الذوق الفردي او الذاتي متاثر بسلطة النص، لذلك قد يقترب الذوقان حينا وقد يفترقان حينا ثانيا في ضوء جدلية الصراع بينهما وهي جدلية يقررها النص نفسه قبل مبدعه وان حاول بعض الدارسين، الاعتقاد بان غياب سلطة المبدع/ المؤلف او موته لا يعني نفيا لاثره في نصه على الاطلاق ولالغاء صلته به، علما ان القراءة النصية الداخلية الحرة لا تهتم بدراسة اثر المبدع في النص بقدر ما تهتم بالبحث عن الجوانب الابداعية والجمالية التي يوحي بها النص نفسه سواء اكان المبدع مشهورا ام مغمورا، ذا حضور اجتماعي معروف ام بلا حضور اجتماعي على الاطلاق؛ وهو حضور اللا حضور فلسفيا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال