ظهرت تسميات متباينة في دلالاتها الاصطلاحية والنقدية (للنص) بعد التطور السريع الذي حظيت به الدراسات اللسانية من بنيوية واسلوبية وسيميائية وتفكيكية وغيرها في العالم في العصر الحديث لدرجة صار فيها مفهوم (النص) غامضا او متباينا في وجهات نظر منظريه.
فالنص بنظر البنيويين الفرنسيين على سبيل المثال يعني (الكتابة) بوصفها مؤسسة اجتماعية تندرج تحت مظلتها مختلف انواع الكتابة، لكل منها اعرافها وشفراتها.
ومن هذا المنظور اندراج النص الادبي تحت هذه المظلة) وبذلك نشات علاقة بين حرية اختيار المؤلف في الدخول في الكتابة واخضاع نصه لاعرافها وقوانينها وبين اسلوبه ولغته الموروثة فهناك نص ملتزم بمثل هذه الاعراف ويمكن ان نسميه (بالنص المتمرد او الجديد) ونص ملتزم باسلوب المؤلف ولغته الموروثة ويمكن ان نسميه ﺑ (النص التراثي) ونشا بين النصين لقاء حينا وافتراق حينا ثانياً وتوفيقية حينا ثالثا، لذلك لا يمكن فصل (ثبات النص) و (قلقه) عن مثل هذه الظواهر والمفهومات الادبية – النقدية-الاجتماعية وربما الاخلاقية في بعض الاحيان.
بيد أن النص الاصيل الابداعي يسمو على كل هذه المستويات سواء اكان متمردا ام تراثيا ام ما بينهما وقلق النص بهذا المفهوم لا يعني تمردا على التراث ولايعني التزاما بالتراث، بل هو هيكل فني ازدحمت فيه الافكار والمعاني و الالفاظ بلا نظام كما تحركت فيه الصور والمجازات بلا عمق بلاغي – جمالي.
وقد أدى افتراق النص بالكتابة بوصفها مؤسسة اجتماعية، الى ان تظهر في لغة النقد الحديث والمعاصر تسميات اخرى (كالنص المفتوح) او (النص المقروء) وهو نص يتسم بسمات النص الحداثي، و(النص المغلق) او (النص المكتوب) وهو نص ما بعد حداثي ويختلف عن النص الكلاسيكي علما ان هذه المسميات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمتلقي (القاريء او السامع).
ان هذه التعددية في التنظير (للنص) مفهوما واداة قد اوجدتها القراءات النقدية الجديدة التي لا تستغني عما طرا من تطور سريع وعميق بين (الالسنية او علم اللغة) وبين العلوم الطبيعية والاجتماعية والنفسية حتى غدت القراءة النقدية الحديثة للنص بديلا عن الفلسفية اذ اختفت في اعماق هذه القراءات، المرجعيات الفكرية والفلسفية وتوحدت في نظرتها الى ان (النص) هو الجوهر والأصل في القراءة النقدية التي جعلت (المتلقي) عنصرا نصيا مهما في هذا الميدان المعرفي.
ان للنص بوصفه معاييره ويبقى مقصورا على اللغة وحدها ومن خلال مغزاها ومستوياتها كالتماسك الداخلي و الاتساق والقصد و القبول ومراعاة مقتضى الحال و الاخبار والتناص وهي معايير كما تبدو، اسلوبية تتناول النص من داخله لغة واسلوبا ولذلك فثمة علاقة بين (قلق النص) وهذه المعايير التي تعد مقياسا نقديا – لغويا – اسلوبيا للنص الابداعي في ثباته وقلقه.
ان روح الابداع في النص المثال هي التي اوحت وتوحي بقراءته وتحليله هذه الروح هي التي جعلت وتجعل من النص الابداعي ما يسمى (بالنص الاول – Architext ) حين يقرا فيه ناقده ( ما وراء التناص – Transtextuality ) (أي كل ما من شانه وضع النص في علاقة مع النصوص الاخرى). ولايغيب عن البال ان (النص الابداعي) قد يبهر الناقد – المتلقي الى (استكناه بواعث الجمال والشاعرية فيه).
التسميات
دراسة النص