تعريف القياس.. مساواة أمر لأمر آخر في الحكم الثابت له لاشتراكهما في علة الحكم

القياس في اللغة: مصدر لقاس، بمعنى قدَّر، يقال قست الأرض بالقصبة، أي قدرتها بها، وقست الثوب بالذراع، أي قدرته به، وهو يتعدى بالباء، كما مثلنا، وكما قال الشاعر:
خف يا كريم على عرض يدنسه -- مقال كل سفيه لا يقاس بكا
إلا أنه في الشرع يتعدى بـ "على" فيقال: قاس النبيذ على الخمر، ليدل على معنى البناء والحمل.
وأما في الاصطلاح فهو: حمل معلوم، على معلوم، لمساواته له في علة حكمه، عند الحامل.

شرح التعريف:
1- الحمل:
هو الإلحاق والتسوية، أي إلحاق الفرع، بالأصل، ومساواته له في حكمه بجامع العلة.
ولا تنافي بين كون القياس دليلاً شرعياً، وجد المجتهد أم لا، وبين كون الحمل فعلاً للمجتهد، لأنه لا مانع من أن ينصب الشارع حمل المجتهد دليلا، على أن حكم الفرع في حقه وحق مقلديه ما وقع الحمل فيه من حل أو حرمة.
2- معلوم على معلوم:
المعلوم الأول هو الفرع الذي نبحث له عن حكم، والمعلوم الثاني هو الأصل الذي سيقاس الفرع عليه، والذي ثبت حكمه بالنص.
والتعبير بالمعلوم دون الشيء، من أجل أن يشمل كل ما يجري فيه القياس من موجود ومعدوم، إذ الشيء لا يطلق إلا على الأمر الوجودي دون العدمي، والمراد بالعلم مطلق الإدراك وإن كان ظناً.
3- لمساواته له في علة حكمه:
أي لوجود علة المحمول عليه بتمامها في المحمول.
4- عند الحامل:
الحامل هو المجتهد القائس، وهذا القيد إنما زيد لإدخال القياس الفاسد في الواقع ونفس الأمر.
وذلك لأن القياس هو إثبات حكم الأصل في الفرع بجامع العلة في نظر المجتهد، سواء أكانت هذه العلة هي المزادة لصاحب الشرع في الواقع، أم لا.
إذ لو كان القياس مقتصراً على الصحيح، والعلة مقتصرة على ما يريده الشارع في نفس الأمر، لما وجد في الدنيا قياس البتة، بل لو كان واجب المجتهد أن يصيب في اجتهاده ما في علم الله لتعطلت الشرائع، لأنه لا سبيل إلى ذلك.
ونحن لما رأينا الفقهاء قد اختلفوا في علة الربا، هل هي الطعم أو الكيل أو القوت أو غير ذلك، ومن ثم قاس كل إمام بعلته التي اعتقدها، أجمعنا على أن الجميع أقيسة شرعية، لأنا إن قلنا، إن كل مجتهد مصيب فالأمر واضح.
وإن قلنا، إن المصيب واحد، إلا أنه لم يتعين، لعدم معرفتنا بما في علم الله ، تعين علينا أن يكون الجميع أقيسة شرعية، مع القطع بأن جميع تلك العلل ليست مراده للشارع.
فالقياس بغير علة صاحب الشرع قياس فاسد، وهو مع ذلك قياس شرعي ،عملاً ، بغلبة الظن التي أنيط بها لتكليف.
ومعنى التعريف إجمالا أن القياس هو إلحاق الفرع بالأصل، بأن ينقل حكم الأصل إليه، لاشتراكهما في علة حكم الأصل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال