إن النص الابداعي قد يكون حداثيا بالمفهوم التاريخي والمفهوم النقدي الادبي (فالابداع) هو روح الحداثة ويصعب الفصل بين (ابداعية النص) و(حداثيته) على المستوى الجمالي والفني الذي قد يتاثر بالبعد التاريخي لعصره الجمالي والفني آنيا او زمانيا.
وإذا انحسر الابداع عن اي نص ادبي (مقروء/ مفتوح او مغلق/ مكتوب) تسرب تاثير ذلك الانحسار الى الوجود اللغوي. الفني الذي يتمتع به النص حيث يظهر (قلق النص) وكانه اثر من ذلك الانحسار سواء كان جديدا متمردا حداثيا ام كان تراثيا انه على مستوى آنية الاثر او زمانيته.
إن الفاعلية الشعرية التي تمثلها هذه القراءة النقدية او تلك هي التي تبعث الحياة منهجيا في كون النص الشعري جديرا بالقراءة والتحليل ومن ثم بالتقويم الفني والجمالي لطاقاته الابداعية التي تمثلها لغته وصوره وعلاقاته الدلالية على المستوى الصوتي او الدلالي او التركيبي (فالابداعية الشعرية) لنص من النصوص وان كانت معطى ذاتيا قائما فيه (لا تتحقق فعليا إلا عبر البحث الذي يخرجها من حيز الامكان الى حيز الواقع، ومن مدار الاحتمالات والافتراضات والتوقعات الى مجالات الانشاء و التكوين والبلورة من حدود الانفعال المباشر والمحصور و الجامد الى آفاق التفاعل القصي والمفتوح و المتجدد) وهذا يعني ان الرابطة الحقيقية بين (النص) و (الحدث) تكاد تكون عضوية تقترب كثيرا من العلاقة الجدلية لما يكشفه النص من ابعاد موضوعية او مضمونية وما يحققه (الحدث) من قدرة فائقة لتحرير المعنى من حدود افتراضية الى حدود واقعية هي بمثابة المنابع الرئيسة التي تخلق روح الابداع في كثير من النصوص الادبية او لنقل التجارب الأدبية.
وحينما يتقوقع (النص) سواء اكان مفتوحا او مغلقا على ذاتيته المحض، تستحيل (الذاتية) عندئذ الى جمود وهمود قد يوحيان (بغلق النص) اكثر من حركته وتمرده ومن ثم ابداعه واذا كان النص بالمفهوم اللساني في المعاصر واقعة من الوقائع الاتصالية، تحتم عليه الا يكون قلقا في تحقيق هذه الغاية التوصيلية.
وهي غاية اللغة الأدبية بالدرجة الاولى وان كانت سبل تحقيق مثل هذه الغاية . متباينة ومختلفة وغامضة في ضوء انتمائها الى منهج لغوي او اتجاه ادبي او بعد فلسفي – فكري، ان (قلق النص) لا يخلو بارتباط من هذه المناهج والاتجاهات بقدر لاتستحيل فيه اللغة الى ضرب من الرطانة واللامسؤولية الاجتماعية في الاحتفاظ بلغة النص مبرّأة من التعقيد والهامشية والعبثية التي لا طائل فيها.
ففي النص الادبي على سبيل المثال، يبدو عالم النص فيه ذا علاقة تبادلية مقننة مع الانماط المناسبة من المعلومات حول العالم الواقعي المقبول نظرا لأن (النص) على اختلاف مسمياته، وما دار حوله من نظريات واجتهادات في قلقه وفي ثباته، هو رديف أسلوبي و جمالي للتجربة الادبية ومن هنا دخلته الاسلوبية بوصفها دراسة للتعبير اللساني، أي أنها التعبير عن الفكر من خلال لغة النص التي تتحول في النص الابداعي الى مجموعة صور شعرية او ادبية اكثر حدة وطرافة وجمالا من تلك التي قد تصاحب نصا آخر فتسمه بسمة القلق حينا والتقليدية او الاتباعية حينا ثانيا وبالعتمة واللاشفافية حينا ثالثا.
فالكلمات ضمن تراكيبها تحتفظ عادة بانعكاسات ما تعبر عنه حين يظهر ذلك التعبير على شكل صور بيانية او مجازية قد تكون معيارا نقديا – فنيا للمفاضلة بين (نص قلق) فنيا و (نص ثابت) فنيا، لاسيما في مجال تغيرات المعنى فالصور، كما قيل: (قاعدة لنظرية الزخرفة، ونميز بين نوعين من الزخارف: الاولى وهي – الزخرفة السهلة – وتقوم على استخدام الالوان البلاغية ، اي صور التركيب او التفكير، و الثانية: هي الزخرفة الصعبة وتتميز باستخدام الاستعارات.
فإذا كانت الصورة او مجموعة الصور هي الركيزة الفنية والجمالية الاساس في النص الادبي: الشعري او النثري، فانها لا تخلو من دلالة ثقافية قديمة او حديثة معاصرة تقربها من مكان انتمائها وزمان بنائها. فالنص الادبي في ثباته وفي قلقه لابد له من مدلول ثقافي معين يميزه من غيره من انماط التعبير اللغوي.
فالنص يعني ثقافة اي ان له مدلولا ثقافيا يحتفظ به ويخشى عليه من الضياع فهو لهذا السبب يذوب ويحصر بين دفتي كتاب..
إن النص يكون نصا حسب وجهة نظر ثقافة معينة فإذا ما اختلطت المدلولات الثقافية وضوحا و غرابة، واقعية وخيالا، اصالة وتقليدا ، قلقا وثابتا، فضلا عن اختلافها، تسرب ذلك المفهوم الى اعماق النص الادبي فتشوبه شائبة اللاثقافة اي تعادلية (اللانص) التي قد تقترب أحيانا من مفهوم (قلق النص) اي النص الذي يفتقر الى الانتماء الى مدلول ثقافي معين يحدد ابعاده الفنية و الجمالية او اذا شئنا يحدد دلالته النصية التي يفترض بها ان تكون معبرة عن مدلول ثقافي.
ولعل هذا ما يفسر فقدان بعض النصوص شخصيتها الوطنية والقومية وحتى الانسانية ولاسيما حين يصير النص على وفق هذا المفهوم نصا لامنتميا الى مكان ابداعي ولا منتميا الى زمان ابداعي ايضا.
التسميات
دراسة النص