التناسق والتناقض بين الوسائل التربوية في السياسات التربوية.. لا سياسة تعليمية صحيحة إلا بوجود وحدة فكرية أساسية بين ما يتلقاه المتعلم ويسمعه

من أعظم ما يعاني منه المجتمع العربي الإسلامي في مجال التربية اختلاف بل تناقض المؤثرات التربوية على الفرد‏.

فما يسمعه ويتعلمه الفرد في الأسرة يختلف في كثير أو قليل مع ما يتلقاه في المدرسة، وكذلك ما يسمعه في المسجد، وما يراه في التلفاز، وما يقرأه في الصحيفة، وما يربى عليه في إطار المجموعات العقائدية والسياسية والتيارات المختلفة بل إن الطالب يتلقى في المدرسة الواحدة، وفي الصف الواحد معلومات متناقضة لا يفصل بينها أحياناً إلا أنه يخرج هذا المدرس ويدخل الآخر لينسخ أو يلغي ما قرره سابقه، بهذا يظل الطالب في بلبلة وتناقض‏.‏

وإنه لا سياسة تعليمية صحيحة إلا بوجود وحدة فكرية أساسية بين ما يتلقاه المتعلم ويسمعه ولا شك أن هذا يحتاج إلى وضع سياسة تعليمية وتربوية وإعلامية عليا على مستوى الأمة، وهو ما تهدف هذه الورقة إليه، وهو الأمل الذي يحدو كل مخلص في الأمة وكل منتم إليها انتماءً حقيقياً‏.

وقد قدمنا أن من أهم أسباب الفشل العملية التربوية من الوطن العربي أنه لا توجد سياسة عليا للتربية، ولا شك أن العقبة الكبرى أمام وضع هذه السياسة أن عالمنا العربي ما زال يتجاذبه تياران أساسيان‏:‏

- التيار الأول‏:‏ التيار الإسلامي الديني الذي يعتقد ويؤمن أنه لا حياة للأمة العربية إلا بالإسلام عقيدة وشريعة.

- التيار الثاني‏:‏ ‏(‏اللاديني‏)‏ الالحادي الذي يريد أن يقطع صلة هذه الأمة بالدين فيرى أنه لا رقي لها ولا مدنية ولا حضارة إلا أن تعيش بعيدة عن دين الإسلام وأن تأخذ من حضارة الغرب والشرق ما تشتهي‏.‏‏

ولا شك أن كلاً من هذين التيارين موجود والصراع بينهما قائم‏.‏‏.‏ وهذا هو أكبر معوق عن وضع سياسة عليا موحدة للتربية والتعليم والإعلام‏.‏

وعلى كل حال فإن هذه القضية ستحسم حتماً لصالح الفريق الأول أهل الإيمان والإسلام لما أسلفناه من مقدمات ولأن هذا هو وعد الله وموعوده، وهو سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد‏.‏

ومن عجيب أن الصراع بين الفريقين قائم على أشده في جامعات الوطن العربي كلها تقريباً، والتنافس قائم على قدم وساق بين الفريقين لاجتذاب واستقطاب أكبر عدد من الطلبة والطالبات، وما يقرر في قسم من الأقسام يقرر نقيضه في قسم آخر‏.‏
أحدث أقدم

نموذج الاتصال