الإسلامُ دينٌ للعقلِ والفكرِ: ضوابطُ الاجتهادِ المعرفيّ في ضوءِ القرآنِ والسنةِ

ضوابط الاجتهاد المعرفي:

مقدمة:

يُعدّ الاجتهاد المعرفي ضرورةً ملحةً في العصر الحديث، لفهم الدين الإسلامي بشكل صحيح، ومعالجة القضايا المستجدة، وتطوير المعرفة الإسلامية.
ولكن لا بدّ من أن يُمارس الاجتهاد المعرفي وفق ضوابط محددة تضمن صحته وسداده، وتُبعده عن الانحراف والضلال.

ضوابط الاجتهاد المعرفي:

1- البحث باسم الله تعالى:

  • يجب أن يبدأ أيّ بحثٍ معرفيٍّ بالتسمية بذكر الله تعالى، والاستعانة به، والتوكّل عليه، إيماناً بأنّ المعرفةَ من الله تعالى، وأنّ التوفيقَ في تحصيلها من فضله وكرمه.
  • ففي الآيات الخمس الأولى من سورة العلق، يُحثّ الله تعالى عباده على القراءة والتعلم، ويُبيّن لهم أنّ المعرفةَ هي مفتاحُ النجاحِ والفلاحِ في الدنيا والآخرة.

2- اتخاذ البحث العلمي عبادة:

  • يجب أن يُنظر إلى البحث العلميّ كعملٍ عباديٍّ يُقربّ العبدَ إلى الله تعالى، لا كعملٍ دنيويٍّ بحتٍ.
  • فالمسلمُ حينما يُجتهدُ في طلب العلمِ وفهمِ الدينِ، إنّما يُطيعُ أمرَ الله تعالى، ويُحقّقُ خِلافةَ الله تعالى في الأرض.

3- التمكن من ضوابط الاجتهاد:

  • لا يجوزُ لأيّ شخصٍ أن يجتهدَ في الدينِ دون أن يتعلّمَ ضوابطَ الاجتهادِ وآدابه، وذلك من خلال دراسةِ علمِ أصولِ الفقهِ وعلمِ الحديثِ وعلمِ اللغةِ العربيةِ وغيرها من العلومِ الشرعيةِ.
  • فمن لم يتعلّمْ هذه الضوابطَ، لا يُمكنُهُ أن يفهمَ النصوصَ الشرعيةَ بشكلٍ صحيحٍ، ممّا قد يُؤدّي إلى انحرافهِ عن الصراطِ المستقيمِ.

4- استحضار وحدانية الله تعالى:

  • يجبُ على المجتهدِ أن يُدركَ أنّ اللهَ تعالى هو الواحدُ الأحدُ، وأنّه لا شريكَ لهُ في مُلكهِ وتشريعهِ.
  • فمن هذه العقيدةِ تنبعُ كلُّ مقاصدِ الاجتهادِ المعرفيّ، وهي: فهمُ أسماءِ اللهِ تعالى وصفاتهِ، وفهمُ أحكامهِ، وتطبيقُها في جميعِ مجالاتِ الحياةِ.

5- استحضار وحدة الحقائق:

  • لا يُمكنُ أن يكونَ هناك تعارضٌ بين حقائقِ الوحيِ وحقائقِ العقلِ، فكلاهما من عندِ اللهِ تعالى.
  • والمسلمُ حينما يُجتهدُ في فهمِ الدينِ، يجبُ عليهِ أن يستخدمَ عقلهُ وفكرهُ، وأن لا يُقلّدَ تقليداً أعمى.

6- خدمة الإنسانية، والمحافظة على التوازن البيئي:

  • يجبُ أن يكونَ هدفُ الاجتهادِ المعرفيّ هو خدمةُ الإنسانيةِ، وتحقيقُ الخيرِ لها، وحفظُ التوازنِ البيئيّ.
  • فالمسلمُ لا يُجاهدُ في طلبِ العلمِ لكي يُصبحَ مُفتياً أو عالماً، بل لكي يُطبّقَ علمهُ في سبيلِ الله تعالى، ولإصلاحِ المجتمعِ ونشرِ الخيرِ فيهِ.

خاتمة:

إنّ ضوابطَ الاجتهادِ المعرفيّ هي بوصلةٌ تُرشدُ المجتهدَ إلى الطريقِ الصحيحِ، وتُبعدهُ عن الانحرافِ والضلالِ.
والمسلمُ حينما يُجتهدُ في طلبِ العلمِ وفهمِ الدينِ، يجبُ عليهِ أن يُراعيَ هذه الضوابطَ، وأن يجعلَ هدفَهُ هو خدمةُ الله تعالى والإنسانية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال