آداب المشي والجلوس بصفات مشية عباد الرحمن لتربية الأبناء لاقتداء بذلك

1) "على المربي أن يتقيد بصفات مشية عباد الرحمن ليربي أولاده بالفعل على ذلك قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (63) سورة الفرقان
يَصِفُ اللهُ تَعالى عِبَادَهُ المؤمنينَ المُتَقَّينَ بأَنهُمْ مُتواضِعُون،يَسيروُن على الأرضِ بسَكِينةٍ ووَقَارٍ ورِفْقٍ (هَوْناً) مِنْ غير تَجَبُّرٍ ولا اسْتِكْبارٍ، وإذا سَفِه عليهِمُ الجاهلونَ بالقَولِ لم يُقابِلُوهم عليهِ إلا حِلْماً وقَوْلاً مَعْروفاً، ويَرُدُّونَ عليهم قائلينَ: سلامٌ عليكمٌ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلينَ.[1]
فها هي ذي السمة الأولى من سمات عباد الرحمن:أنهم يمشون على الأرض مشية سهلة هينة،ليس فيها تكلف ولا تصنع،وليس فيها خيلاء ولا تنفج،ولا تصعير خد ولا تخلع أو ترهل.فالمشية ككل حركة تعبير عن الشخصية، وعما يستكن فيها من مشاعر. والنفس السوية المطمئنة الجادة القاصدة، تخلع صفاتها هذه على مشية صاحبها، فيمشي مشية سوية مطمئنة جادة قاصدة. فيها وقار وسكينة، وفيها جد وقوة. وليس معنى:«يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً» أنهم يمشون متماوتين منكسي الرءوس، متداعي الأركان،متهاوي البنيان كما يفهم بعض الناس ممن يريدون إظهار التقوى والصلاح!
وهذا رسول اللّه - ص- كان إذا مشى تكفأ تكفيا،وكان أسرع الناس مشية، وأحسنها وأسكنها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص)، كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مَشْيِتِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص)، كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ[2].
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص)، لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلَا بِالطَّوِيلِ، ضَخْمَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ شثنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، مُشَرَبٌ وَجْهُهُ حُمْرَةٌ طَوِيلُ الْمَسْرُبَةِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّهُ يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ (ص)"[3]
وهم في جدهم ووقارهم وقصدهم إلى ما يشغل نفوسهم من اهتمامات كبيرة، لا يتلفتون إلى حماقة الحمقى وسفه السفهاء، ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السفهاء والحمقى في جدل أو عراك، ويترفعون عن المهاترة مع المهاترين الطائشين: «وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا: سَلاماً» لا عن ضعف ولكن عن ترفع ولا عن عجز إنما عن استعلاء، وعن صيانة للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المهاترة بما هو أهم وأكرم وأرفع.[4] 
2) أن يسيروا سيراً متوازناً لا سرعة فيها ولا بطء.
3) أن يغض الطرف وقت المشي، والنظر إلى الأرض، وأن يترك الأكل وقت المشي، إلا إذا كان جائعاً، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (ص) نَأْكُلُ وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ.[5]
4) نعلم الطفل إذا كان في جلسة مع جماعة عدم التثاؤب والتمطي ولا يمد رجليه ولا يفرقع أصابعه.
5) ألا يبصق على الأرض وإذا اضطر يضعها في ورقة." [6]
[1] - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2800)
[2] - مسند أحمد (عالم الكتب) - (3 / 398)(8943) 8930- حسن
[3] - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (1398 ) حسن
لتكفؤ:الميل في المشي إلى قدام. كما تتكفأ السفينة في جريها، والأصل فيه الهمز، فترك.
كأنما ينحط من صبب، قريب من التكفؤ: أي: كأنه ينحدر من موضع عال.
[4] - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 2577)
[5] - صحيح ابن حبان - (12 / 141) (5322) صحيح.
[6] - حلبي، عبد المجيد طعمه، التربية الإسلامية للأولاد منهجاً وهدفاً وأسلوباً، ص 124-127، باختصار. وانظر إلى سهام مهدي جبار، الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية، ص 340-344.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال