خطوات الطفل لفك رموز أشياء العالم بطريقة متطورة.. معرفة التشكلات الدالة الأيقونية ومعرفة الرموز الثقافية

إذا كنا في زاوية نظر الطفل، وافترضنا سالفا أنه قادر على فك رموز عدد من أشياء العالم بطريقة متطورة كفاية، حيث الإدراك الأشد حرفية للصور ليس مرفوضا بالنسبة له؛ فماذا سيبقى له للاكتساب من الصور؟ سيبقى له شيئان وفقط شيئان (كل واحد منهما يؤسس مجالا واسعا)، شيئان حيث لا يتقاطع التمفصل مع تمييزات مشتقة أيضا ومتأخرة، كالتي تتعلق بالسينما والتلفزة، أو بأجناس مختلفة داخل السينما؛ الطفل الذي يعرف فك رمز الشيء، إذا أراد تباعا لذلك معرفة فك رمز الصورة، عليه أن يكتسب أيضا:
1- معرفة عدد هام من التشكلات الدالة الأيقونية بالخصوص، بمعنى أكثر أو أقل شيوعا في كل الوسائل الأيقونية، لكن مخصوصة بها فقط.
2- معرفة عدد مهم من الرموز الثقافية في عمومها التي تعود، مبدئيا، إلى المجتمع العام، بله إلى لغات الصورة، لكن تكتسي منها التواردات المشهود لها داخل عدد مهم من الحالات شكل الصور.
يستعيد أول هذين التعليمين أفكارا، لكنها تبدو متجاوزة، مقترحة غالبا مثل "تمهيد إلى تركيب السينما" أو "تمهيد إلى بلاغة الصورة" إلخ.
يأخد موضوع تعليم ما على عاتقه جعل التلميذ حساسا إلى واقعة رحبة للحضارة، حيث الأفكار، أسفله، ليست إلا تمظهرات جزئية: التقنيات العصرية للمضاعفة اللآلية، تخلق أثر جعل ظهور الشيء منعزلا عن حضوره الفيزيائي، وهكذا يتحرر الرسم، عمليا أكثر من الشيء، أي بطريقة ما أقرب إلى الفكر، ينبغي أن يدخل ضمن بناءات مستحدثة، بحيث سيكون قريبا من الرسومات الأخرى المتعلقة بأنساق، لا يقدمها العالم للرؤية مثلا: الاسترجاع والمونتاج الموازي ..إلخ.
يمكن أن نلاحظ أن هذا التعليم يمنح نفسه مستويين متناسبين مع عمر التلاميذ، فبالنسبة للأطفال الأحداث، تعد بعض تشكلات الصور مثار تساؤل، تظل غامضة حتى في معناها الحرفي (هكذا، برهنت التجارب الفيلمولوجية أن الحقل في مقابل الحقل، لا يصبح مفهوما قبل سن معينة، على الأقل بطريقة عفوية)، يأخد التعليم على كاهله في هذا المستوى ابتداء تفسير المعنى، حتى معنى "الإجراء" نفسه.
سنأتي، حاليا بسرعة قصوى، إلى مرحلة حيث التلميذ خاضع، تحت طائلة، تربية "فظة"، لكن من زاويتها الفعالة، للمحيط الاجتماعي اليومي، وللعرض عبر وسائل الإعلام..إلخ؛ لن يكون بحاجة إلى تفسير أو تأويل لذاته، في الاسترجاع (الذي هنا ليس إلا مثالا ضمن أمثلة أخرى )، وفي تتابع الصور الدالة بوصفها مطابقة لأحداث مدلولة.
سيظل المشكل البيداغوجي إذا متناميا، والمعلم عليه أن يطور تفسيراته من مستوى لغوي، إلى مستوى ميتالغوي: ليس من غير المجدي أن الطفل الذي يفهم مسبقا الاسترجاع يفهم باعتقاد راسخ لماذا يفهم هذا الاسترجاع، ويضيف إلى إدراكه الخالص الحدث الذي يحكي أيقونيا إدراكا ثانويا لإواليات السرد الأيقوني.
سيصبح مستوى الفهم لديه منتزعا من الشيء، وسيفضي إلى نوع من الوعي بفعل خطاب شبيه به: أليس هذا أحد مكونات الاختلاف الذي يفصل الذكاء "الطبيعي" الخالص عن الأفراد الذين منحوه، لكن يمكن أن يدرس الشكل الآخر للذكاء، حيث المدرسة هي الوحيدة التي يمكن أن تطور مستوى كبيرا (خصوصا بالنسبة لحقبتنا المتعلقة بـ"المدرسة الموازية") التي تتخد، بالأساس، قدرة انعكاسية على اللازدواج، وعلى النكوص، وعلى التلفيظ إذا: لأنه لن يكون أقل ما تستحق "دروس الصور" أن تجعل التلاميذ يتكلمون، ولن تكون هناك أي مفارقة لا قيمة لها بالنسبة للصورة، لأنها لالفظية، وإن في حالات مؤشر السلوكيات اللفظية الأكثر فعالية من مؤشر بعض النصوص المكتوبة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال