دور المرأة في الحرب في القبيلة العربية.. مشاركة الرجل والمضي مع المقاتلين في المؤخرة وإنشاد الأهازيج والضرب بالدفوف

لم تكن المرأة العربية في العصر الجاهلي بمنأى عن أحداث مجتمعها، ولم تكن أقل حماساً من الرّجل، إذا دقت طبول الحرب في القبيلة معلنة بدء غارة لها على قوم، أو شنت عليها الغارة، فقد كانت المرأة تشارك الرجل في الحرب، فتمضي مع المقاتلين في المؤخرة، تنشد الأهازيج وتضرب بالدفوف، ويبثثن في القوم الأناشيد الحماسية ([1]) قال عمرو بن كلثوم ([2]):

علـى آثـارها  بيضٌ كرام -- نحاذرُ أنْ تُفارقَ أو تهونا
ظعائنُ من بني جشم بن بكر -- خَلَطْن بميسم  حَسَباً ودينا
أخذْنَ على بُعولتهـن عهدا -- إذا لاقوْا فوارسَ  مُعْلمينَا
إِذا لم نحمهـنّ فـلا بقينـا -- لشـيء بعدهن و لاحينيا

وإذا قُتل فارس ندبنْه نَدْباً حاراً، وحضضن على الأخذ بثأره، من خلال أناشيد الانتقام التي يسمعها المرء في شعر الخنساء ([3])، وكبشةَ أختِ عمرو بن معد يكرب ([4])، وكرمة بنت ضلع، وهند بنت حذيفة الفزارية، وأم قرفة زوجة حذيفة بن بدر.

ونسمع صوتاً خفياً، تبثّه بعض النساء، في إِحلال السّلام بين المتحاربين وخاصة إذا كانوا ذوي رَحِمٍ، فقد أسهمت بيهسةُ بنتُ أوسٍ في إِطفاء الحرب التي نشبت بين عبس وذبيان، وكان أبوها قد زوجها من الحارث بن عوف المرّي، وأراد أن يدخل عليها، فقالت: أتفرغ لنكاح النساء، والعرب تقتل بعضها؟ قلت: والخطاب لزوجها) فيكون ماذا؟ قالت: أخرج إلى هؤلاء القوم، فأصلح بينهم، ثم ارجع إلى أهل بيتك فلن يفوتك... قال: فخرجنا حتى أتينا القوم، فمشينا فيما بينهم بالصلح، فاصطلحوا...

[1]- شوقي ضيف: العصر الجاهلي 73
[2]- المعلقات: معلقة عمرو بن كلثوم، الأبيات 83-89
[3]- ديوان الخنساء: القصائد  ذوات الارقام 1،2،3،4،5،8،9.
[4]- أنظر: نوري حموري القيسي: الفروسية في الشعر الجاهلي 67 وما بعدها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال