نقد كتاب "الرواية المغربية ورؤية الواقع: دراسة بنيوية تكوينية" لحميد لحمداني

الرواية المغربية ورؤية الواقع: دراسة بنيوية تكوينية

مقدمة:

يُعدّ كتاب "الرواية المغربية ورؤية الواقع: دراسة بنيوية تكوينية" لحميد لحمداني من الكتب المهمة التي تناولت الرواية المغربية الحديثة. إلا أنّ الكتاب قد واجه العديد من الانتقادات، بعضها يتعلق بالمناهجية التي اعتمدها الباحث، وبعضها الآخر يتعلق بنتائجه.

نقد المنهجية:

  • عدم التزام الباحث بالمنهج البنيوي التكويني: على الرغم من إعلان لحمداني في عنوان الكتاب ومقدّمته اعتماده المنهج البنيوي التكويني، إلا أنّ بعض النقاد يرى أنه لم يلتزم بهذا المنهج بشكل كامل. فقد اكتفى بضمّ الروايات ذات المضمون الواحد تجاه الواقع إلى بعضها البعض، دون تحليلها بنيوياً وتكوينياً.
  • استخدام مصطلح "الانتقاد" بدلاً من "المعارضة": يرى بعض النقاد أنّ لحمداني ميّع القضية حين حوّلها من "معارضة" إلى "انتقاد"، ومن مواجهة "السلطة" إلى مواجهة "المجتمع". ويُعزى ذلك إلى خوفه من التعرض للمساءلة أو الملاحقة.
  • إغفال تحليل البنية والشكل: لم يهتم لحمداني بتحليل البنية والشكل في الروايات التي تناولها، بل ركز فقط على المضمون. ويعتبر هذا إغفالاً لأحد أهمّ جوانب المنهج البنيوي التكويني.
  • التصنيفات التقليدية للأشكال الروائية: في خاتمة بحثه، صنّف لحمداني أشكال الرواية المغربية في ثلاثة أنماط: تقليدي، واقعي، ورومانسي. ويعتبر هذا التصنيف تقليدياً، ولا يتماشى مع المنهج البنيوي التكويني الذي لا يعترف بالفصل بين الشكل والمضمون.

نقد النتائج:

  • تهميش الروايات المعارضة: يرى بعض النقاد أنّ لحمداني أهمل الروايات التي تُعبّر عن موقف معارض للواقع، وركز على الروايات التي تُعبّر عن موقف مصالحة أو انتقاد.
  • التعميمات المبالغ فيها: يميل لحمداني أحياناً إلى التعميمات المبالغ فيها، ممّا يُفقد تحليله دقّته وموضوعيته.
  • غياب الرؤية الشاملة: لا يقدم لحمداني في كتابه رؤية شاملة للرواية المغربية الحديثة، بل يكتفي بتقديم قراءة جزئية لبعض الروايات.

نقاط نقدية محددة:

1. تقسيم الروايات:

  • تقسيم الروايات إلى روايات "مصالحة" وروايات "انتقاد" يظهر تقليديًا ويبسط الرؤية المعقدة للواقع.
  • قد لا تندرج جميع الروايات بسهولة في إحدى هاتين الفئتين، ممّا يُخلّ بِدقة التصنيف.
  • كان من الأفضل تحليل كل رواية على حدة وفهم موقفها من الواقع بدقة، دون فرض تصنيفات مسبقة.

2. تطبيق المنهج البنيوي التكويني:

  • لم يلتزم الباحث بدقة بِمبادئ المنهج البنيوي التكويني، واكتفى بتقديم ملخصات للمحتوى دون تحليل عميق للعلاقات البنيوية داخل النصوص.
  • افتقد الكتاب إلى تحليل العناصر البنيوية مثل الوحدات، والعلاقات، والأنساق، والشخصيات، والعوامل، وفضاءات الأزمنة والأمكنة، ورؤية العالم عند كل كاتب.
  • كان من الضروري توضيح خطوات المنهج البنيوي التكويني وتاريخه، وربط تطبيقه على الروايات المغربية بشكل مُقنع.

3. تحليل الشكل الفني:

  • خصص الباحث فصلاً في الخاتمة لتحليل الشكل الفني للرواية المغربية، لكنّه اعتمد تصنيفات تقليدية مثل "الشكل التقليدي" و"الشكل الواقعي" و"الشكل الرومانسي".
  • يُعدّ هذا النهج تقليديًا ولا يتوافق مع المنهج البنيوي الذي يُنكر الفصل بين الشكل والمضمون ويراهما وحدة واحدة.
  • كان من المُفيد تحليل الشكل الفني للروايات المغربية من منظور بنيوية، مع التركيز على العلاقة بين الشكل والمضمون ورؤية العالم عند كل كاتب.

4. نقد السلطة والمجتمع:

  • استخدم الباحث مصطلح "انتقاد" بدلاً من "معارضة" عند تحليل موقف بعض الروايات من الواقع.
  • يُمكن اعتبار هذا التغيير مُخففًا من حدة النقد الموجه للسلطة والمجتمع.
  • كان من الأفضل استخدام مصطلح "معارضة" عندما يكون ذلك مُستحقًا، مع تحليل أشكال المعارضة المختلفة الموجودة في الروايات.
  • كما أنّ تصنيف بعض الروايات على أنها "وقفت أمام الباب المسدود" يُثير اليأس ويُحبط الأمل، ممّا يتطلب تحليلًا أكثر دقة لِمواقف هذه الروايات من الواقع.

5. غياب المصطلحات البنيوية:

  • لم يُوظف الباحث مصطلحات بنيوية في تحليله، ممّا يُثير الشك في مدى فهمه للمنهج البنيوي التكويني.
  • كان من المُفيد استخدام مصطلحات بنيوية مثل "البنية" و"الوظيفة" و"العلاقات" و"الأنساق" لتحليل النصوص الروائية بدقة.

الخلاصة:

يُقدم كتاب "الرواية المغربية ورؤية الواقع" مساهمة في مجال نقد الرواية المغربية، لكنّه يُعاني من بعض الثغرات المنهجية والتحليلية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال