فهم النشاط الإنساني عن طريق الملاحظة الداخلية (المنهج الاستنباطي).. الطريقة الباطنية طريقة أساسية في علم النفس وبدونها لا يمكن البدء بأية ملاحظة

إن الحوادث النفسية حوادث باطنية، يعانيها الشخص ذاته من الداخل إذ لا يمكن للغير أن يطلع عليها ولهذا فهي تقتضي في معرفتها الإدراك المباشر، الذي يكون عن طريق التأمل الذاتي للأحوال النفسية.
وهذا هو الاستبطان وهو يقوم على ملاحظة الشخص لنفسه وأحوالها ثم تحليل حالاته النفسية ومحاولة تفسيرها وفهمها، والدراسة النفسية التي تتم بهذه الكيفية تسمى باطنية.
وعلى هذا الأساس فإن الاستبطان يعتبر منهجا في علم النفس وهو لا يعني مجرد الشعور بالظاهرة أو الحالة النفسية بل هو ذلك التأمل العميق الذي تقوم به الذات وهي في حالة وعي ويقظة من أجل فهم الحالة النفسية المدروسة ومن ثمة تحديد أسبابها ووضع قوانين لها.
ولقد كان لهذه الطريقة أهمية كبيرة عندما كان الشعور موضوع الدراسة في علم النفس.
وتعتبر المدرسة الشعورية في علم النفس أهم من قال بالاستبطان، وهي تدعم هذا المنهج بدعوى وحدة الطبيعة البشرية.
كما كان للاستبطان أنصار منهم "مونتاني" الذي يقول: "لا أحد يعرف هل أنت جبان أو طاغية إلا أنت، فالآخرون لا يرونك أبدا"..
كما عبر عن أهمية هذه الطريقة "ريبو" الذي يقول: "إن الطريقة الباطنية طريقة أساسية في علم النفس وبدونها لا يمكن البدء بأية ملاحظة".
وهكذا فإن الحوادث النفسية ولما كانت تنطلق من باطن الإنسان فلابد للباحث في علم النفس أن يعتمد التأمل الذاتي في فهم الأحوال النفسية.
لكن الاستبطان رغم النتائج الإيجابية التي حققها والخدمات الكثيرة التي قدمها لعلم النفس في الكشف مباشرة عن الأسباب الداخلية للحوادث النفسية فإنه لم يعد طريقة علمية وهذا لاتحاد ذات الملاحظ بموضوعها، فلا يستطيع الإنسان أن يطل من النافذة ليرى نفسه سائرا في الطريق.
وهكذا فقد لقيت هذه الطريقة اعتراضات شديدة . تتجه إلى القول بأن المنهج العلمي يتطلب الملاحظة الخارجية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال