اللغة العربية في عصر المعلومات.. خلق أساليب جديدة في استعمال اللغة والعمل على تعريب الحاسوب والمعالجة الآلية للغة العربية

في عصر المعلومات والمعرفة يزداد إسهام اللغة يوماً بعد يوم في تحديد الأداء الكلي, للمجتمع الحديث في الداخل (الإنتاج المعرفي، والإبداعي، وفي إنتاجيته الشاملة) وفي الخارج (تربط المجتمع بغيره وتحدّد مكانه ومكانته وثقله الاستراتيجي).

فكيف نهييء لغتنا العربية لمطالب عصر المعلومات؟
وكيف نعيش الحياة في كيان هذه اللغة تنظيراً، وتعليماً، واستخداماً؟

بل كيف نخرجها من دائرة اهتمام المختصين فقط، إلى الدائرة الأوسع، والأشمل، وخاصة أن علم اللغة الحديث يستند إلى العلوم جميعها وأخيراً علم الحاسوب ونظم المعلومات!

وكيف نعنى بالمعالجة الآلية للغة العربية، ونعرِّب نظم التشغيل، ونصمم لغات برمجة عربية، للوصول إلى عصر الترجمة الآلية عن طريق اللغة العربية، للوصول إلى ما سبق لابد أن نعلّم صغارنا مبادئ البرمجة، وذلك نظراً إلى العلاقة الوثيقة بين البرمجة، والفكر من جانب، وبين الفكر واللغة من جانب آخر، وقد عرّبت لغات برمجة سهلة للصغار من مثل (لغة اللوغو ولغة البيسك).

ولابد من الاستمرار والاجتهاد في هذا المجال, وقد ظهرت جهود مثمرة في معالجة اللغة العربية آلياً، أفرزت تطبيقات من مثل: (الصرف الآلي، والإعراب الآلي، والتشكيل التلقائي، وبناء البيانات المعجمية).

 وهذه البحوث قد أثمرت على يد د. نبيل علي وخلال ربع القرن الأخير.
وهذا يدفعنا إلى خلق أساليب جديدة في استعمال اللغة، ما يستدعي تطوير نشاط حديث في العلوم الاقتصادية، سماه بعض الباحثين الصناعات اللغوية، أو تكنولوجيا اللغة، ونظراً لبروز مفاهيم، ومنتوجات حديثة كنتيجة للتطور التقني.

فقد استوجب هذا الأمر وضع ملايين العبارات الجديدة للدلالة عليها، والذي من شأنه إثراء اللغة، وتسهيل مهمتها في التعامل مع المعاني والمفاهيم الجديدة.

لذلك تنبهت الدول المتطورة إلى أهمية الثورة المعلوماتية فأقامت مشروعات عملاقة لتخضع التكنولوجيا أو التقنية لخدمة لغاتها.

فانصب اهتمام الباحثين إلى توليد اللغة وفهمها وترجمتها آلياً، بينما اتجه آخرون إلى معالجة الوثائق، وتفسيرها عبر شبكات الحواسيب.

إذاً لابد من الاعتراف بحاجتنا الماسة والملحة لنهضة لغوية شاملة، قادرة على تلبية مطالب ومقتضيات العصر، وإلى تقنيين، وفنيين، ولغويين، وعلماء بشتى التخصّصات للوصول إلى صيغ، ومصطلحات، ومفردات عربية سليمة دقيقة، والعمل على تعريب الحاسوب، ورعاية عباقرتنا الشباب، الذين لديهم إمكانات مذهلة في فهم التقنية، التي بين أيدينا ولهم تجاريبهم المهمة في عوالمها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال