الحلم وسعة الصدر عند المعلم.. قدرة المعلم على امتصاص سوء أدب المتعلمين وشغبهم وإحسان التعامل معه

لا ينجح المعلِّم في أداء مهمته إذا كان عجولاً، يؤوساً، مقهوراً.
وإنما ينجح بقدر ما يتحلّى به من صبر ومصابرة، وقدرةٍ على التحمّل.

فإن المتعلِّمين قد يصدر منهم سـوء أدب، أو فظاظة في الحوار، أو غلظة في الردّ، أو تعدٍّ على المعلِّم باليد أو اللسان، وعلى المعلم أن يكون قادراً على امتصاص ذلك كله وإحسان التعامل معه.

وتدلنا الآيات على أن سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ بعد أن استنفد كل وسائل الإقناع والتأثير، لم يجد من أبيه أذناً صاغية ولا قلباً مفتوحاً، بل وجد إصراراً على الكفر، وسوءَ ردٍّ، وغلظةً في الحديث.

فهو يقول أربع مرات: (يا أبت)، وهو أسلوب نداء ترغيبي؛ لأن ياء المتكلم في قوله (يا أبي) أُبدلت تاءً.

والمقام بينهما لا يحتاج إلى نداء؛ لأن الحوار مباشر وهما متقابلان وجهاً لوجه، لكن تكرار النداء بالأبوة فيه تحنين للقلب الجامد، ومحـاولة متكــررة لاستحضـار ملكــات السمع والذهن الشاردة.

ومـع ذلك فإن الأب الجهول يستكثر أن ينادي ابنه بقوله (يا بنـيَّ) مسـايرة لخطـابه إياه بقوله (يا أبت)، بـل إنه يقول له: يا إبراهيم؛ ليؤكد أن بينهما أمداًَ بعيداً من الانفصال العقلي والوجداني.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال