الحجاج عند الفلاسفة النسقيين.. صورة الدفاع عن أطروحة أو تفنيدها بجملة من الأفكار كحجج والإجابة بأسلحة العقل على الأسئلة والشكوك التي يمكن أن يثيرها الخصم

يستعمل لــفظ الحجاج l’argumentation مرتبطا بلفظي البرهان Démonstration والاستدلال Raisonnement، كما يلازمه لفظ "الحجة"، ولفـظ "الدليـل".

والحجاج دلالة آلية تفكيرية (..) ويتعلق الأمر بأسلوب أو طريقة يسلكها التفكير في اشتغاله على قضية ما، وفي تفاعله التخاطبي مع طرف يخاطبه أو يحاوره، إذ لا قيمة للمحتوى في مذهب فلسفي إلا إذا كان عليه برهان.

وإذا كان الحجاج يتخذ عند الفلاسفة النسقيين صورة الدفاع عن أطروحة أو تفنيدها بجملة من الأفكار كحجج، فإنه يتخذ لدى فلاسفة آخرين أنماطا عدة كالسخرية والتهكم كما هو الحال عن فريديريك  نيتشه.

يقول بولزانو: (إنه يجب في الفلسفة على كل واحد أن يقوم من جديد بنفس المسعى الذي يقود إلى النتائج التي يتبناها، ويجب أن يكون قادرا في كل دعوى يعبر عنها على الإدلاء بحجج، وأن يجيب فقط بأسلحة العقل على الأسئلة والشكوك التي يمكن أن يثيرها خصمه).

وهو غير البرهان رغم أنه قد ترسخ »في أذهان المتفلسفة إما اقتناعا أو تعودا أو توهما أن حقائق الفلسفة ترتقي إلى مرتبة حقائق المنطق الخالص ليختلط بذلك الفكر الذي يتوسل بالحجاج في طلب ما من أجله كان الطلب بالمنطقيات الخالصة والرياضيات التي تتوسل بالبرهان فيما تستدل عليه، مع العلم بأن ثمة بونا جوهريا بين الحقائق الأولى والحقائق الثانية.

وتقوم هذه الآلية التفكيرية - أي الحجاج - على التوجه إلى إثبات أطروحة ما، أو نفي أطروحة معينة، ويتم التأسيس لهذه النتيجة (الإثبات أو النفي أو هما معا) بمجموعة من العمليات يتداخل فيها ما لغوي بلاغي (تأكيد- نفي- تشبيه- تمثيل- مجاز- استفهام- إجابة- نقد- مقابلة...) مع ما هو منطقي عقلي (تسلسل الأفكار- تقديم- استنتاج- عرض- اعتراض..).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال