تحليل وليد إخلاصي لمنظورات المتفرجين: بين الشعرية الأرسطية واللعب المسرحي
يقدم وليد إخلاصي في مسرحيته "عجبا إنهم يتفرجون" تحليلاً عميقاً لمنظورات المتفرجين، متجاوزاً بذلك الطرق التعليمية المباشرة التي تعتمد على شرح القواعد الثقافية والفنية. فبدلاً من تقديم شرح نظري للشعرية الأرسطية، يختار إخلاصي أن يشخص هذه المواقف بطرق مسرحية مبتكرة.
تعدد المستويات المسرحية:
يعتمد إخلاصي على تقنية المضاعفة اللعبية لخلق مستويات متعددة من التمثيل، حيث يتم دمج مسرحيات صغرى داخل المسرحية الكبرى. هذا التداخل بين المستويات يخلق حواراً داخلياً غنياً، ويسمح للمشاهد بالمشاركة في عملية الفهم والتفسير. من الأمثلة على ذلك، استخدام شخصيتي كركوز وعيواظ ومسرحية الشاب والصبية، اللتين تعملان كمرآة تعكس المواقف والآراء المتباينة للمتفرجين.
اللعب بالشكل والمضمون:
إن انفتاح اللعب المسرحي في "عجبا إنهم يتفرجون" يجعله حقلًا خصباً لإنتاج خطابات مختلفة وصراع المنظورات. فالكاتب لا يقدم رؤية واحدة للحقيقة، بل يترك للمشاهد حرية تفسير الأحداث والشخصيات. هذا التعدد في الرؤى يخلق "فوضى مسرحية" مقصودة، تسعى إلى تحفيز التفكير النقدي لدى المتفرج.
البحث عن نظام مسرحي جديد:
على الرغم من هذه الفوضى الظاهرية، يسعى إخلاصي إلى إرساء "نظام مسرحي" خاص به. هذا النظام يعتمد على قيم الديمقراطية في الحوار والتفاعل بين الشخصيات، وعلى مبادئ الشعرية الأرسطية في البناء الدرامي والمحاكاة. ومع ذلك، يواجه هذا النظام تهديداً مستمراً، ليس من الداخل، وإنما من قوى خارجية تمثل السلطوية والسيطرة.
التحدي المزدوج:
يواجه نظام إخلاصي المسرحي تحديًا مزدوجًا:
- التحدي الفني: يكمن التحدي في الحفاظ على التوازن بين الحرية الفنية والفوضى، وبين النظام والديمقراطية.
- التحدي السياسي: يكمن التحدي في حماية هذا النظام من التجاوزات السلطوية التي تسعى إلى فرض رؤيتها الخاصة.
الخلاصة:
"عجبا إنهم يتفرجون" هي مسرحية غنية بالطبقات والمعاني، تدعونا إلى التفكير في دور المسرح في تشكيل الوعي وتحدي السلطة. من خلال اللعب بالشكل والمضمون، يقدم إخلاصي لنا نموذجاً مسرحياً مبتكرًا يجمع بين التراث الفني والابتكار المعاصر.
التسميات
بنيات ميتامسرحية