تعريف الخبر والمقاصد والأغراض التي من أجلها يُلقى الخبر

تعريف الخبر:

كلامٌ يحتملُ الصدقَ والكذبَ لذاتهِ، وإن شئتَ فقل: «الخبرُ هو ما يتحقّقُ مدلولهُ في الخارجِ  بدون النطقِ به» نحو: العلمُ نافعٌ. فقد أثبتنا صفةَ النفعِ للعلم، وتلكَ الصفةُ ثابتةٌ له، سواءٌ تلفظتَ بالجملةِ السابقة أمْ لم تتلفظْ.
لأنَّ نفعَ العلمِ أمرٌ حاصلٌ في الحقيقةِ والواقعِ، وإنما أنتَ تحكي ما اتفقَ عليه الناسُ قاطبةً، وقضَتْ به الشرائعُ، وهديتْ إليه العقولُ، بدونِ نظر ٍإلى إثباتٍ جديدٍ.

والمرادُ: بصدقِ الخبر مُطابقتُه للواقعِ ونفسِ الأمر، والمرادُ بكذبهِ عدمُ مطابقتهِ له، فجملةُ: العلمُ نافعٌ – إن كانتْ نسبتُه الكلاميَّة ُ(وهي ثبوتُ النفعِ  المفهومةِ من تلك الجملةِ) مطابقةً للنسبةِ الخارجيّةِ – أي موافقةً لما في الخارجِ والواقعِ «فصدْقٌ» وإلا «فكذِبٌ»، نحو «الجهلُ نافعٌ» فنسبتهُ الكلاميةُ ليستْ مطابقةً وموافقةً للنسبةِ الخارجيةِ
 

المقاصد والأغراض التي من أجلها يُلقى الخبر:

الأصلُ في الخبر أن يلقَى لأحدِ غرضينِ:

(أ)- إمَّا إفادةُ المخاطبِ الحكمَ الذي تضمنتْهُ الجملةُ، إذا كان جاهلاً له:

ويسمَّى هذا النوع ُ«فائدةُ الخبرِ» نحو قولِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم « الدِّينُ النَّصِيحَةُ».

(ب)- وإمَّا إفادةُ المخاطبِ أنَّ المتكلمَ عالمٌ أيضاً بأنهُ يعلمُ الخبرَ:

كما تقولُ  لتلميذٍ أخفَى عليكَ نجاحُه في الامتحانِ – وعلمتَه من طريقٍ آخرَ: أنتَ نجحتَ في الامتحانِ، ويسمَّى هذا النوعُ «لازمَ الفائدةِ»، لأنه  يلزم ُ في كلِّ خبرٍ أن يكونَ المخبَرُ به عنده علمٌ أو ظَن بهِ.

الأغراض التي يخرج إليها الخبر:

وقد يخرجُ الخبرُ عن الغرضينِ السابقينِ  إلى أغراضٍ أخرى تُستفادُ بالقرائنَ، ومنْ سياقِ  الكلامِ، أهمها:

- الاسترحامُ والاستعطافُ:

نحو:  إني فقيرٌ إلى عفوِ ربِّي.

- تحريكُ الهمةِ إلى ما يلزمُ تحصيلُه:

نحو قول الشاعر :
سَلي إنْ جهلتِ النَّاسَ عنَّا وعنكمُ + وليسَ سواءٌ عالمٌ وجهُولُ

- إظهارُ الضعفِ والخشوعِ:

نحو قولهِ تعالى على لسان النبي زكريا عليه السلامُ: (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مريم/4]).

- إظهارُ التحُّسرِ على شيءٍ محبوبٍ:

نحو قوله تعالى  على لسان أمِّ مريمَ عليها السلامُ: (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى [آل عمران/36]).

- إظهارُ الفرحِ بمقبلٍ، والشماتةِ بمدبرٍ:

نحو قوله تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) [الإسراء/81]).

- التوبيخُ:

كقولكِ: للعاثرِ: (الشمسُ طالعةٌ).

- التَّذكيرُ بما بين المراتبِ من التَّفاوتِ:

نحو قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)} [الحشر/20، 21]، ونحو قولنا: (لا يستوي كسلانٌ ونشيطٌ).

- التحذيرُ:

نحو قولهِ صلى الله عليه وسلَّم:  «أَبْغَضُ الْحَلاَلِ إِلَى اللَّهِ الطَّلاَقُ».

- الفخرُ:

نحو قولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

- المدحُ:

كقول النابغةِ في المديحِ :
فإِنَّكَ شَمْسٌ والمُلُوكُ كَواكِبٌ + إِذا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهنَّ كَوْكَبُ
وقد يجيءُ لأغراضٍ أخرى، والمرجعُ في معرفة ذلك إلى الذوقِ والعقلِ السليمِ.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال