ينبغي أن نشير إلى أهمية مفاهيم التكيف والتوازن في السيكولوجيا التكوينية، و يقتضي هذا المفهوم أن ننظر إلى النشاط المعرفي أو الفعل المعرفي L’acte de connaître، كفعل وظيفي يهدف، وفق النظرية التكوينية، إلى تمكين الفرد من بلوغ حالة معينة من التوازن النفسي والذكاء هو الأداة التي يمتلكها الفرد في أي مرحلة من عمره، لكي يصل إلى ما ينشده من توازن، أي إلى التمكن من التكيف مع مختلف الوضعيات المشكلات التي يقابلها في حياته اليومية.
فكما يلاحظ بياجي في العديد من المناسبات إن العضوية البشرية لا تحتاج فقط إلى توافق أو تكيف بدائي primaire يسمح بتوازن عضو عبر إدخال عناصر حيوية مغدية (الغذاء، الهواء...) بل إن هذه العضوية تتميز بكونها تحتاج أيضا إلى ما يسميه بياجي بتكيف ثانوي secondaire يحدث على المستوى النفسي.
هذا النمط من التكيف الثانوي لا يتحمل إلا الذكاء الذي يمكن الفرد أولا من استقبال تأثير المحيط الخارجي و ثانيا من إمكانية استيعاب هذه التأثيرات ضمن ما يمتلكه من بنيات و عمليات ذهنية في مرحلة ما من مراحل عمره.
وإذا كان التكيف البيولوجي ينتهي بصنع صيغ حياتية Forme de vie، على شكل عناصر مغذية (سعرات حرارية، سكريات...) فإن التكيف الفكري يصل في الختام بالفرد إلى صنع أشكال ثقافية على شكل أفكار وتصورات ومفاهيم مختلفة.
والإمكانيات الديداكتيكية التي يسمح بها المفهوم السابق مفهوم "التكيف" هي إمكانيات بالغة الأهمية.
فإذا كان النشاط الفكري هو نشاط وظيفي يلجأ إليه الفرد لتحقيق قدر معين من التكيف مع الواقع، أي بلوغ حالة معينة من التوازن النفسي، فإن التعلم بدوره لن يكون نشطا إلا إذا كان يتيح للمتعلم قدرا معينا من التكيف مع وضعيات تعليمية تتراءى له كمشلات تتحداه و تستدعي البحث عن حلول مناسبة.
هكذا تبرز أهمية تنظيم و تصميم الوضعيات التعليمية - التعلمية على قاعدة منهجية حل المشكلات التي أولاها العديد من الديداكتيكين أهمية قصوى في دراساتهم المتنوعة.
التسميات
ديداكتيك العلوم