إذا كان شكل الذكاء السابق، يتضمن عمليات ذهنية، محدودة في اشتغالها نظرا لارتباط الطفل بما هو محسوس أو ملموس، فإن العمليات الذهنية ستتخذ صيغة صورية في المرحلة الأخيرة من تطور البنيات الذهنية لدى المراهق من 12 إلى سنة الرشد، سيصبح التفكير الآن قادرا على ممارسة نشاطه على الأفكار ذاتها و سيتخذ من الموضوعات المجردة، كالمعارف والأطروحات والفرضيات والعبارات، موضوعات لممارسة العمليات المنطقية الرياضية الصورية، مما ينتقل بالتفكير إلى مستوى التفكير الفرضي الإستنتاجي.
يقول بياجي:
"الخاصية الأولى للعمليات الصورية تكمن في قدراتها على أن تفهم الفرضيات و ليس الأشياء فقط... (و هناك) القدرة على تكوين عمليات على عمليات أخرى، مما يتيح للمعرفة إمكانية تجاوز الواقع و يفتح لها طريقا لا محدودا من الممكنات".
لأشكال الذكاء، كما استعرضناها مقتضبة أهمية قصوى بالنسبة للبحث الديداكتيكي الذي يجد نفسه ملزما على التفكير، حين اختيار وانتقاء المفاهيم المبرمجة في المناهج الدراسية، ليس فقط في البنية الداخلية للمادة المدرسة، ولكن أيضا في شكل الذكاء الذي قد يمتلكه المتعلم أولا والذي سيسمح له ببناء المفاهيم المعنية وبذلك يصبح الربط بين الإبستمولوجي والسيكولوجي أمرا لا غنى عنه في كل فرضية أو أطروحة ديداكتيكية وهذا بالضبط هو ما سمحت به وعرضت على إبرازه النظرية التكوينية.
التسميات
ديداكتيك العلوم