سمات مجتمع البالغين في الغرب بسبب ارتباطه بالتقدم الاقتصادي.. تغير قيم والمعايير وطول أمد العمر نتيجة للتقدم الصحي ومستوى الحياة

يتصف مجتمع البالغين في الغرب، بسبب ارتباطه الشديد بالتقدم الاقتصادي بالصفات الرئيسية التالية:

1- إنه مجتمع تتغير فيه القيم والمعايير تغيراّ سريعا.

2- إنه مجتمع يعيش فيه الأفراد أعماراً أطول من أعمار آبائهم وأجدادهم نتيجة للتقدم الصحي ومستوى الحياة.

3- إنه مجتمع مغلق يصعب على المرء الدخول فيه.

4- إنه مجتمع يطلب من القادمين للاندماج فيه معرفة وتجربة ومهارة.

5- غير أن هذه المؤهلات الثلاثة: «المعرفة والتجربة والمهارة» صارت سريعة التطور والتبدل منذ السنين الأخيرة بحيث أن هذه المؤهلات تصبح قديمة بالية غير صالحة خلال مدة قصيرة من الزمن، فلا بدّ من التدريب من جديد (أو ما يسمى إعادة التكوين) لاكتساب معارف وتجارب ومهارات جديدة مطلوبة من الفرد لكي يندمج  في مجتمع "الراشدين" في الغرب.

6- تتصف المعارف والتجارب الجديدة بأنها تقنية وتكنولوجية متطورة تزداد كل يوم دقة، وتتطلب في كل وقت تخصصا جديداً.

وليس لهذه التكنولوجية الجديدة غاية تجري إليها، فلا تهدف إلا ذاتها، ولا تتطور إلا من أجل التطور، ولا تتقدم إلا من أجل الرغبة في التقدم نفسه، وبذلك تخلق حاجات جديدة غير ضرورية لتضمن لحركة الجهاز الاقتصادي تحركاً بات من الصعب ضبطه والسيطرة عليه.

7- غموض الأهداف التي يجري إليها المجتمع الغربي وصعوبة السيطرة على ميكانيكية الحياة الاقتصادية فيه، أزالَ كل الحواجز والامتحانات التي كان يطلب من الفرد اجتيازها في الماضي للاندماج في هذا النوع من المجتمع.
ولم ينتبه الكثيرون من الناس لزوال هذه الحواجز والاختبارات.

وعدَّت طائفة من الناس زوال هذه الحواجز تطوراً حسناً وتقدماً اجتماعياً محققاً للعدالة والديمقراطية، وقاضياً على الامتحانات التي تصطفي فئةً من الناس دون الفئات الأخرى ومزيلاً للفروق الاجتماعية.

في الواقع لم يكن زوال الحواجز تقدما ولا كسباً للعدالة والديمقراطية، وإنما كان تغييراً جذرياً في طرائق اندماج الأفراد الشبان في مجتمع الراشدين الذي تغيّرت طبيعته وقيمه وأهدافه وصار مجتمعاً إباحياً، لا تمكن مراقبته والسيطرة عليه وعلى توجيهه، وهو في ظاهره جذاب كثير الإغراء للشبان، ولكنه في الحقيقة يسيطر عليه الغموض والشكّ، وتغيب عنه العدالة الصحيحة والديمقراطية الحقيقية، ويبعث في النفس اليأس ثم القلق باستمرار بما نشهد اليوم آثاره ومآسيه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال