العنف في التاريخ: كيف يتولد العنف في التاريخ البشري؟ الصراع الإنساني يتولد عن صراع أو تنافس بين الرغبات

يتحدد وجود كل مجتمع بشري - حسب ماركس- بوجود صراع بين طبقتين اجتماعيتين، الأولى تمتلك وسائل الإنتاج والأرض والثانية لا تمتلكها.

وذلك منذ أقدم المجتمعات البشرية و أكثرها بدائية إلى المجتمعات الرأسمالية المتطورة. وهكذا، فإن صراع الطبقات الإجتماعية يمكن أن يتخذ أشكالا فردية لا واعية عند الأفراد أنفسهم، كما قد يتخذ طابع صراع نقابي أو سياسي أو إيديولوجي واضح المعالم.

كتب الفيلسوف الألماني كارل ماركس في هذا السياق السابق: (نلاحظ أنه منذ العصور التاريخية الأولى كان المجتمع في كل مكان مقسما إلى طبقات متمايزة...

ففي روما القديمة كان هناك سادة و فرسان، وأقنان وعبيد، وفي العصور الوسطى كان هناك سادة وشرفاء، و سادة الحرف، و الحرفيون العاديون و أقنان.

كما أن هناك داخل كل طبقة من هذه الطبقات سلم تراتبي خاص) وقد أصبح الصراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي بين البرجوازية والبروليتاريا.

وبالمقابل يرى المفكر الفرنسي روني جرار أن أساس العنف هو تنافس الرغبات، وذلك أن الرغبات الإنسانية تخضع لقانون المحاكاة، أي كرغبات في ما يرغب به الأخرون، كلما كانت رغبة الأخرين (في شـيء ما) قوية و شديدة كانت رغبتي أنا أيضا قوية وشديدة (فيه).

ينتج عن ذلك احتمال اندلاع العنف.
وهكذا فإن الصراع الإنساني يتولد عن صراع أو تنافس بين الرغبات.

وإذا صح أن الرغبات تتشكل و تتطور من خلال المحاكاة، فإن العنف سيكون معديا من خلال انتشاره في الجماعة من فرد إلى أخر.
ودواء هذا المرض المعدي هو القتل.

و هذا الطرح يرجع بنا إلى تصور الفيلسوف الأنجليزي الحديث طوماس هوبز حول جذور العنف الذي يعتقد فيه أن مصدر هذا الاخير  ثلاثي، ويتمثل في: التنافس، الحذر، الكبرياء، وهي أسباب توجد في الطبيعة الإنسانية.

الأول يجعل الهجوم وسيلة لتحقيق (المنفعة).
والثاني وسيلة (للأمن) و الثالث وسيلة لحماية (السمعة).

على أن العنف له صلة أيضا بالتقديس و بالحقيقة، فهو يشكل إلى جانبهما (الأركان الثلاثة لكل تراث مشكّل و مشكّل للكينونة الجماعية) كما سماها المفكر العربي محمد أركون الذي يشرح هذه العلاقة على نحو ما يلي: (الجماعة مستعدة دوما للعنف من أجل الدفاع عن حقيقتها المقدسة.

الإنسان بحاجة إلى عنف، و تقديس، وإلى حقيقة لكي يعيش و لكي يجد له معنى على الأرض.
العنف مرتبط بالتقديس و التقديس مرتبط بالعنف و كلاهما مرتبطان بالحقيقة أو ما يعتقد أنه الحقيقة.
والحقيقة مقدسة و تستحق بالنسبة لأصحابها، أن يسفك من أجلها دم).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال