العنف والمشروعية.. هل يمكن الإقرار بمشروعية العنف من زاوية الحق والقانون و العدالة؟ استخدام العنف حق مشروع للدولة الاستبدادية والقائمة على أساس ديموقراطي حديث

يرى عالم الإجتماع الألماني ماكس فيبر أن جوهر السلطة هو ممارسة العنف، وأنها وحدها تملك الحق و المشروعية في استعماله.
من أين ينبع هذا الحق أو المشروعية؟

إنهما يرتدان إلى التعاقد الإجتماعي الذي بموجبه يتنازل الشعب للدولة عن حق استعمال العنف على أساس  نظام سياسي حديث يتميز بتقسيم السلط ومراقبتها لبعضها و بإجراء انتخبات بصورة منتظمة من أجل تشكيل هذه السلطة.

وبالتالي يصبح العنف مرتبطا بالدولة الديموقراطية الحديثة  التي تضبط العنف و تحتكر استعماله.

ويستشهد م.فيبر في هذا الصدد بقولة تروتسكي : (الدولة هي كل جهاز(حكم) مؤسس على العنف) وهذه هي ميزة عصرنا الحالي، بحيث أنه لا يحق لأي كان استعمال العنف إلا عندما تسمح الدولة بذلك.

فهذه الأخيرة (تقوم على أساس استعمال العنف المشروع) وستكون السياسة هي (مجموع الجهود المبذولة من أجل المشاركة في السلطة أو من أجل التأثير على توزيع السلطة).

لكن هل استخدام العنف حق مشروع لكل أشكال الدولة بما فيها الدولة الاستبدادية أم هو حق فقط للدولة القائمة على أساس ديموقراطي حديث؟

الإجابة عن هذا السؤال بالقول: إن عنف الدولة لا يكون مشروعا إلا عندما تكون هذه الدولة قائمة على أساس مشروع أي على التمثيلية، الإنتخابات، الحريات العامة، التعدديةالسياسية، وتداول السلط، وفصل السلطة.

لكن يفترض هنا ان العنف هو الوسيلة الوحيدة للقضاء على العنف أي مواجهة القوة بالقوة.

و ضد هذه الفكرة يطرح غاندي (المفكر) والزعيم الهندي الشهير أن العنف رذيلة، وإذا كان العنف قانونا حيوانيا، فإن اللاعنف هو القانون الذي يحكم البشر.

ويعرف هذا الأخير على نحو ما يلي: (الغياب التام للإرادة السيئة تجاه كل ما يحيى) إنسانا كان أم حيوانا أم نباتا، (هو إرادة طيبة تجاه كل ما يحيى) الصداقة ستكون حلا لمشكلة العنف، إذا أصبحت عامة بين الأفراد و الأمم.

وذلك ليس فيه تخلّ عن الصراع الإنساني، بل على العكس من ذلك فاللاعنف مناهض للشر لكن بوسائل الخير.

إن القوة الحقيقية بهذا المعنى هي قوة الروح التي تستطيع أن تنجح في جعل اللاعنف ينتصر على العنف و السلام على الحرب والقوة الروحية على القوة الفزيائية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال