النقد البنيوي عند إيغلتون.. توظيف تقنية الاسترجاع (الفلاش باك) والاستباق (الاستشراف) لزيادة حجم القصة

مثّل إيغلتون للنقد البنيوي بقصة بسيطة عن صبي يغادر البيت إثر نزاع مع والده.
فينطلق سيراً على الأقدام عبر الغابة: فيسقط في حفرة عميقة.

ويخرج الأب باحثاً عن ابنه، فيمر بالحفرة وينظر فيها فلا يرى أحداً بسبب الظلام.

وفي اللحظة التي ترتفع فيها الشمس إلى نقطة فوقه تنير بأشعتها أعماق الحفرة، فتتيح للأب إنقاذ طفله.
وبعد مصالحة بينهما يعودان إلى البيت.

هذه القصة التي تحويها عشر كلمات، يمكن أن تمتدّ إلى عشر صفحات لدى أديب، وإلى مئة صفحة لدى أديب آخر، إذا ما زاد عليها تقنية الاسترجاع (الفلاش باك) والاستباق (الاستشراف).

فإذا ما حاولنا تحليلها، فإن مناهج عديدة يمكن أن تعالجها: (فالناقد الألسني) يمكنه أن يجد فيها ثنائيات: الأب/ الابن، والنزاع/ المصالحة، والمغادرة/ العودة، والشمس/ والظلام.
كما يمكنه أن يتلاعب بلفظتي SUN وSON.

وإن (الناقد النفسي) يمكن أن يجد فيها آثاراً محددة من عقدة أوديب التي اكتشفها فرويد، فيبين أن سقوط الطفل في الحفرة هو عقاب يتمناه الطفل لنفسه في لاوعيه نظراً لنزاعه مع أبيه، وربما هو شكل من الخصاء الرمزي أو التجاء إلى رحم الأم.

و(الناقد البنيوي) يرى فيها ثنائيات ضدية: (فالأدنى) الابن يتمرد على (الأعلى) الأب.
ومسير الطفل عبر الغابة هو حركة على محور أفقي. وسقوط ضوء الشمس عمودي.
والحفرة تحت مستوى الأرض (أدنى)، تقابلها الشمس (أعلى).

وسقوط ضوء الشمس (الأعلى) على الحفرة (الأدنى) يقلب وحدة السرد الدالة الأولى حيث كان (الأدنى) يقف في مواجهة (الأعلى).

والمصالحة بين الأب والابن تستعيد توازناً بين (الأعلى) و(الأدنى).
كما تدل مسيرتهما في العودة إلى البيت على (وسط).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال