بين الدراسة التزامنية (السنكروني) والزمنية (الدياكروني) في دراسة اللغة عند سوسير.. التمايز بين العلاقات الأفقية والعلاقات العمودية في الإشارات

تمييز سوسير بين الدراسة التزامنية والدياكرونية للغة:

مقدمة:

يُعدّ فرديناند دي سوسير مؤسس علم اللغة الحديث، وقد اشتهر بتمييزه بين الدراسة التزامنية (السنكروني) والدياكرونية للغة.

الدراسة التزامنية:

تُركز الدراسة التزامنية على تحليل اللغة في فترة زمنية محددة، دون النظر إلى تغيراتها عبر الزمن. تُعنى هذه الدراسة بتحليل بنية اللغة الداخلية، مثل العلاقات بين الكلمات وقواعد اللغة، دون الاهتمام بتطورها التاريخي.

الدراسة الدياكرونية:

تُركز الدراسة الدياكرونية على تحليل تغيرات اللغة عبر الزمن. تُعنى هذه الدراسة بتتبع تطور اللغة من مرحلة إلى أخرى، وتحديد العوامل التي أدت إلى هذه التغيرات.

أهمية التمييز بين الدراسة التزامنية والدياكرونية:

  • فهم بنية اللغة بشكل أفضل: تُساعد الدراسة التزامنية على فهم بنية اللغة الداخلية، وكيف تعمل هذه البنية في فترة زمنية محددة.
  • تتبع تطور اللغة: تُساعد الدراسة الدياكرونية على تتبع تطور اللغة عبر الزمن، وفهم العوامل التي أدت إلى هذه التغيرات.
  • دراسة اللغة بشكلٍ شامل: يُعدّ الجمع بين الدراسة التزامنية والدياكرونية ضروريًا لفهم اللغة بشكلٍ شامل، حيث تُقدم كلتا الدراستين وجهة نظر مختلفة عن اللغة.

تركيز سوسير على الدراسة التزامنية:

ركّز سوسير على الدراسة التزامنية بشكلٍ أكبر من الدراسة الدياكرونية، وذلك لأسبابٍ متعددة، منها:
  • صعوبة دراسة اللغة عبر الزمن: تُعدّ دراسة اللغة عبر الزمن صعبةً، حيث تتطلب كمية هائلة من البيانات والمعلومات.
  • أهمية فهم بنية اللغة الحالية: اعتقد سوسير أنّ فهم بنية اللغة الحالية هو أمرٌ ضروريٌّ لفهم كيفية عمل اللغة بشكلٍ عام.
  • قلة اهتمامه بالتاريخ: لم يكن سوسير مهتمًا بشكلٍ كبيرٍ بتاريخ اللغة، حيث كان تركيزه الأساسي على بنية اللغة الحالية.

التمييز بين العلاقات الأفقية والعلاقات العمودية:

طور سوسير أيضًا تمايزًا آخر، وهو التمايز بين العلاقات الأفقية والعلاقات العمودية في الإشارات:
  • العلاقات الأفقية (التتابعية): هي العلاقات التي تربط بين الكلمات في الجملة، مثل علاقة الفاعل بالمفعول أو علاقة الصفة بالموصوف.
  • العلاقات العمودية: هي العلاقات التي تربط بين الكلمة ومدلولها، أو بين الكلمة وباقي الكلمات في نظام اللغة.

أهمية التمييز بين العلاقات الأفقية والعلاقات العمودية:

  • فهم معنى الكلمات: تُساعد العلاقات الأفقية على فهم معنى الكلمات في الجملة، حيث يعتمد معنى الكلمة على موقعها في الجملة وعلاقتها بالكلمات الأخرى.
  • فهم نظام اللغة: تُساعد العلاقات العمودية على فهم نظام اللغة، حيث تُظهر كيف ترتبط الكلمات ببعضها البعض وكيف تُشكل معاني مختلفة.

تشبيه اللغة بورقة:

يشبّه سوسير اللغة بورقة، حيث يكون الفكر وجهها الأول والصوت وجهها الآخر. لا يمكن فصل أحد الوجهين من دون الآخر، حيث لا يمكننا فهم اللغة دون فهم العلاقة بين الفكر والصوت.

خاتمة:

لقد قدم سوسير مساهماتٍ كبيرةٍ في علم اللغة، ومن أهمّها تمييزه بين الدراسة التزامنية والدياكرونية للغة، والتمييز بين العلاقات الأفقية والعلاقات العمودية في الإشارات.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال