نموذج لكتابة مسرحية وتمثيلها.. مسرحية موكب الشهداء

موكب الشهداء مسرحية وطنية من ثلاثة مشاهد قصيرة، تدور أحداثها في الجزائر، إبان الثورة على المستعمرين فيها، وفيها تصوير بطولة أبناء الجزائر في كفاحهم، وإصرارهم لتقبل الموت في سبيل الله راضين مبتسمين.

الفصل الأول:

المنظر: غرفة بها منضدة وثلاثة كراسي وبعض أسلحة معلقة.
يدخل شابان فدائيان وضابط.
- عمر (الضابط): أما سمعتم بوقوع الكارثة أيها الإخوة؟
- موسى (أحد الفدائيين): أتعني قرية (...) التي دمرها الفرنسيون بالأمس؟

- عمر: نعم. ذلك ما أعني... فقد بلغني من جواسيسي الذين بثثتهم في تلك المنطقة، أن المجرمين سفاكي الدماء، الذين يملؤون الدنيا بمزاعمهم الباطلة، وادعاءاتهم الكاذبة، بأنهم اصحاب حق وعدل، وأنهم حماة الضعيف وأنصار المظلوم... بلغني أن الجيوش الغادرة حاصرت تلك القرية الآمنة الوادعة، وأخرجت رجالها إلى الشوارع، وحصدتهم برصاصها الغادر، ثم لم تكتف بهذه الجريمة الشنعاء، بل تمادت في طغيانها وجبروتها، فسلطت مدفعيتها وطائراتها تدمر البيوت، وتنسف المنازل على سكانها من النساء، والشيوخ، والأطفال؛ لتمعن في اعتداءاتها، وتثبت للدنيا بأجمعها أنها فرنسا المجرمة، دولة اللصوص  وسفاكي الدماء.

- موسى (ثائرًا): ويل لك يافرنسا من ثورة الأحرار.
- مصطفى (ثائرًا): تهيئي لدفع الثمن يافرنسا.

موسى (يوجه كلامه إلى قائده): يا أخي عمر... إلى متى هذا التواني والكسل؟ لماذا لا نشعلها حربًا ضروسًا لا تبقى ولا تذر؟  لماذ لا نعلنها حربًا شعواء لا هوادة فيها ولا رحمة؟ لماذا لا نحيل ليلهم جحيمًا ونهارهم عذابًا مقيمًا؟ لماذا لا ندمر جيوشهم ، ونزلزل الأرض تحت أقدامهم... ونذيقهم المر والعلقم؟

- مصطفى (ثائرًا يؤيد كلام موسى): صدق والله أخي موسى. لنجعلها ثورة دموية كبرى، ثورة تسيل فيها الدماء أنهارًا، ثورة تدك عروشهم وتسحق جيوشهم، ثورة تظهر أرضنا، وتعيد مجدنا، وتجدد ديننا وإسلامنا ، فلنناد في الناس... حي على الجهاد، حي على الكفاح، والله ناصرنا...
(وسيرى الذين ظلموا أي منقب ينقلبون...).
(يدخل جنود الاستعمار فيقبضون عليهم).

الفصل الثاني:
الـمنظر: الـمحكمة العسكرية.
- الحاكم العسكري : أحضروا المتهمين... (يحضرون)

- الحاكم: أنتم متهمون بالتآمر على سلامة الإمبراطورية الفرنسية، وتدبير ثورة حمراء تهدف إلى القضاء على الحكم الفرنسي في الجزائر... فما هو دفاعكم؟

- عمر: ليس لنا دفاع عن أنفسنا أيها الأوغاد...
- الحاكم: ماذا تقول أيها الوغد؟

- موسى: بل أنتم الأوغاد الرعاديد، ونحن الأبطال الصناديد، أنتم الذين حشدتم جيوشكم وأساطيلكم وطائراتكم لتقتلوا النساء والشيوخ والأطفال، ثم تحاكموننا بعد ذلك بتهمة الدفاع عن أنفسنا، ووطننا، وأعراضنا، فهيا اقتلونا، ولا تضيعوا الوقت بمحاكمة صورية، هيا اقتلونا حتى نلاقي ربنا، ونجتمع بآبائنا وأمهاتنا الشهداء،هيا اقتلونا وأريحونا من رؤية وجوهكم القذرة التي تبعث الاشمئزاز في قلوبنا.

- مصطفى: نعم هيا اقتلونا وعذبونا... فنحن لا نخشى بطشكم وتعذيبكم أيها الأنذال... عذبونا... اقتلونا... دمروا بيوتنا... فلن نستسلم لكم، ولن تلين قناتنا أبدًا، وسنظل نناضلكم ونقاتلكم قتال المستميت، ولن ترهبنا طائراتكم، ولا مدافعكم، ولا دباباتكم... لن نستكين، ولن نضع السلاح حتى يتم لنا القضاء عليكم، أو تنفد آخر قطرة من دمائنا في قتالكم... فأبشروا بالموت الأسود واستعدوا للقتال (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

- الحاكم: حكمت المحكمة على المتهمين الثلاثة بالإعدام رميًا بالرصاص.
- عمر (صائحًا بسرور): الله أكبر... مرحبًا بلقاء الله!
- موسى: الله أكبر... مرحبًا بالشهادة في سبيل الله!
- مصطفى: الله أكبر... مرحبًا بالموت في سبيل الله!

الفصل الثالث:
المنظر: الثلاثة الأبطال مربطون إلى أعمدة ثلاثة، يهتفون بأبيات من الشعر يعبرون بها عن مشاعرهم ساعة لقاء الموت:

- عمر:
الـله أكـبر حـان وقـت ممـاتـي -- والعــيش في الجنـات والغـرفــاتِ
ودنا لقائي للألى نشروا الهدى -- فمحوا سواد الشرك والظلماتِ

- موسى:
رفرف فؤادي واعلُ بالنغمات -- فغدًا ستمرح في رُبا الجناتٍ
وغـدًا سـتلقى الـله جـلّ جـلاله -- وعلى الطغاة ستنزل اللعناتِ

- مصطفى:
إلهي قد دنوت من الممــــاتِ -- إلهي فاجعلن مــوتي حياتي
وأسكني جنان الخلد واغفر -- لعبدك ما جنى من سيـئاتِ
(يطلقون عليهم النار)

يُسمع صوتّ خارج المسرح يقول:
ظنوا بقتلهم نموت وننقضي -- خسئوا فإن الموت أمر أصعب
شـهداؤنا نـورٌ لـنا  وعـليـهم -- نـار تُحَـرِّق ملـكـهـم وتخــربُ

- أصحاب الغار، لعلي أحمد باكثير.
(انظر كتاب الأدب العربي، الصف الثالث الثانوي / الفصل الدراسي الأول).

- المتنبي شاعر العرب، لعبدالله بوقس.
(انظر كتاب البلاغة والنقد، الصف الثالث الثانوي / الفصل الدراسي الثاني).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال