التصورات البيداغوجية للمبادئ الأساسية للقراءة والتعبير.. تطبيق النظام التعليمي الإصلاحات الجذرية للبرامج بسبب تمدرس التلاميذ وتوجيههم

تحدد بعض التصورات البيداغوجية الحديثة المبادئ الأساسية لتعليم القراءة والكتابة وفق تصور نسقي يشمل التعليم بكامل مراحله من الابتدائي إلى الإعدادي، ويحصره في العناصر الأربعة التالية:

1- العنصر الأول: 
تؤكد الدراسات السيكولوجية والبيولوجية أن الطفولة الأولى هي المرحلة الملائمة لبعض التعلم والتدرب، واكتساب بعض المهارات التي تحدد بعض الخصوصيات الذاتية للفرد، والتي هي في نفس الآن تداريب يستفيد منها الإنسان طوال حياته، والتي لا يمكنه الحصول عليها واكتسابها بسهولة في مرحلة حياتية لاحقة.

وينطبق ذلك على تعلم اللغات بما فيها اللغة الأم. وكذلك الشأن بالنسبة للفنون والألعاب الرياضية، وبعض السلوكات الاجتماعية مثل: حسن الإنصات للآخرين، والتعبير على الطريقة البرهانية أي أن يفكر الطفل بطريقة اجتماعية، لأن البرهنة في هذا السياق هي البحث الذاتي عن الأسباب أو الدوافع التي تصلح كذلك بالنسبة للآخرين.

ومن اللازم إذن أن نميز جيدا ما ينبغي للأطفال الصغار أن يكتسبوه قبل كل شيء: (اللغة، والفنون، والرياضة، والمبادئ الأولية للحساب، والسلوك الاجتماعي... إلخ)، وما يمكنهم أن يقوموا به بعد ذلك وبطريقة أفضل في المستقبل، وانطلاقا من وجهة النظر هاته، يلاحظ أن البرامج التعليمية المقررة حاليا، مكثفة جدا، وغير متدرجة كما ينبغي.

2- العنصر الثاني:
بعد ذلك، وأثناء الدروس الابتدائية، تحل بعض المشاكل الناجمة عن الفشل الدراسي، والحقيقة أن المشاكل المختلفة للتلاميذ، والتي نستحضرها باستمرار، هي موجودة انطلاقا من الأقسام الأولى للتعليم الابتدائي، وينبغي معالجتها في هذه المستويات الدراسية، والعمل على بذل كل الجهود الممكنة تمشيا مع المبدأ القائل: الوقاية خير من العلاج.

ولا سيما أن بعض هذه المشاكل يستعصي حلها عندما تستفحل بشدة رغم كل الجهود والإمكانيات المبذولة لحلها.

3- العنصر الثالث:
يكون الأطفال في المستوى التعليمي الابتدائي من حياة التلاميذ الدراسية أكثر قابلية للتأثر والتفتح، حيث يلاحظ القليل من المشاكل التربوية والتأديبية، على خلاف المستوى الدراسي الثانوي، حيث نجد التلاميذ يشمئزون من كل ما له ارتباط بالحياة الاجتماعية وقوانينها.

فالأطفال الصغار يستجيبون بطواعية لما هو مفروض عليهم في المجال الدراسي، ويضعون ثقتهم في المعلم، ويأخذون بجدية كل المطالب التي توجه إليهم، وفي هذه المرحلة الحيوية التي تتشكل فيها شخصية الطفل، ينبغي مراعاة مطالبهم وعدم تخييب آمالهم، مع الحرص على أن يكون المربي أكثر جدية ويقظة.

وإذا كان ثلاثة أو أربعة في المائة من الأطفال لا يتوصلون إلى القراءة والتعبير كما هو مطلوب، فهذه واقعة حقيقية ونسبة مقبولة، تفسر طبيا بأسباب عضوية، وتحتاج إلى علاج خاص.

أما أن تصل النسبة إلى خمسة وعشرين في المائة أو أكثر من ذلك من التلاميذ الذين لا يستطيعون ضبط العمليات المبدئية والأساسية للقراءة والتعبير، فذلك يعني القبول بالحكم بالفشل الدراسي على أغلبيتهم طوال حياتهم الدراسية.

4- العنصر الرابع:
إن التعليم الابتدائي هو المجال الذي يمكن فيه للنظام التعليمي أن يطبق الإصلاحات الجذرية للبرامج بسبب تمدرس التلاميذ وتوجيههم من طرف معلمين فقط لكل مستوى دراسي.

بينما تصطدم هذه الإصلاحات بمشاكل متعددة في التعليمين الإعدادي والثانوي بسبب بينتهما التنظيمية الخاصة، وتعدد المدرسين بتعدد المواد الدراسية، مما يجعل الهامش المخصص للتفكير والتجديد المتوقع للبرامج جد محدود وهذا المشكل لا يطرح بنفس الحدة في المدارس الابتدائية حيث يمكن فعليا وعمليا التفكير في تحديد إصلاحات جذرية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال