أهمية تعلم القراءة والتعبير.. تجسيد وترجمة ما ينبغي التعبير عنه بواسطة الكتابة وفق نظام ينبغي ألا يكون مجرد نقل لما هو شفهي

يعتقد البعض أن المتعلم يستطيع الكتابة والتعبير تبعا لقدرته على الكلام باللغة التي يكتب بها، وأنه يستطيع أن يتدبر أمره بما فيه الكفاية للتعبير عن حاجاته، ما دام لا يبحث في أن يكون كاتبا أو صحفيا أو محاميا... إلخ.

وهذا التصور خاطئ بالأساس، لأنه ينبغي تعلم التعبير أو الكتابة الجيدة لوظيفتها الفعالة في الحياة الاجتماعية.

فمهما كانت وظيفة الفرد في المجتمع، فهو في حاجة إلى كتابة المراسلات الإدارية أو العملية، أو كتابة التقارير والعروض، أو الكتابة عن المشاريع التي تهمه... إلخ.

فإذا لم يتعلم الفرد كيف يرتب أفكاره، وكيف يقدمها للغير وكيف يدافع عن حججه، فإن ذلك سيؤثر لا محالة على مصالحه ومقاصده.
وحتى خارج متطلبات العمل، وفي إطار علامة الفرد مع الآخرين، فهو في كثير من الأحيان في حاجة إلى الكتابة:

- لقص أحداث قام بها أو عاينها، ولذلك ينبغي له تعلم كيفية بناء نص قصصي، والقيام بسرد الأحداث.

- لاستحضار وتذكر المظاهر الطبيعية أو الشخوص الذين يحبهم والذين تعرف عليهم جيدا، لذلك ينبغي له تعلم كيفية الوصف والتصوير.

- لاسترجاع حدث متبادل مع الغير: حوار، أو جدل، لذلك ينبغي له التمرس على تقنيات الحوار.

- للتعبير عن الانطباعات والرغبات والأفراح والهموم، وجميع المشاعر التي يحس بها الفرد، أو تضغط عليه وتجعله يتألم إذا لم يصرح بها ويعبر عنها.

- لمناقشة رأي أو توضيح فرضية أو الدفاع عن فكرة، أو دراسة مسألة من جميع الزوايا، واقتراح حلول لها، أو لكتابة خطاب أو إنشاء.

مع العلم أن كل أنواع الكتابة أو التعبير المشار إليها تتداخل فيما بينها ففي رسالة مثلا، نجد تداخلا بين السرد والوصف والتصوير والحوار والانطباعات والملاحظات... إلخ.

ومن الصعب تحديد طريقة واحدة وموحدة لمنهجية التعبير والإنشاء، ولكن ينبغي على الأقل التركيز على دعائم تعليمية منهجية وإجرائية وتطبيقية، تستهدف الأهداف الوظيفية من المادة منها:
- حصر ما ينبغي للمتعلم -أو ما يريد ويستطيع- التعبير عنه.
- هيكلة أفكاره فيما يتعلق بالمسائل الجوهرية والمحتويات.
- تجسيد وترجمة ما ينبغي التعبير عنه بواسطة الكتابة وفق نظام ينبغي ألا يكون مجرد نقل لما هو شفهي.

وقد نص منهاج اللغة العربية فيما يتعلق بمادة التعبير والإنشاء في توجيهاته وأهدافه البيداغوجية على أن التلميذ سبق له أن تدرب على الكتابة في التعليم الابتدائي ويستطيع - ضمنيا - في السلك الإعدادي إنتاج نصوص متكاملة، ويوظف مكتسباته في القواعد اللغوية للتعبير السليم، وأن هذه المادة -أي مادة التعبير والإنشاء- وسيلة ملموسة وواقعية يمكن تقويمها لمعرفة مستوى التلميذ ومكتسباته اللغوية.
إلا أن هناك تساؤلات تطرح نفسها بإلحاح منها:

- هل استطاعت عملية لتحديد الأهداف الوظيفية وإجراءات تنفيذها بواسطة حقول موضوعية، تسهيل عملية التعبير والإنشاء في الأقسام الدراسية؟

- وهل استهدفت الوحدة الديداكتيكية في كل لحظة من لحظات سيرانها تطوير القدرات التعبيرية عند المتعلم؟

- وإذا كان الجواب بنعم، فكيف يمكن تفسير عدم قدرة التلاميذ على التعبير كتابيا وشفاهيا؟ وإلا كيف يمكن إيجاد الحلول العملية لهذا الإشكال؟

- إن التساؤلات المطروحة تكشف أن هناك خللا ما في النظام التعليمي، فهل الأمر يتعلق بالبرامج أو المناهج؟
أحدث أقدم

نموذج الاتصال