تحليل ودراسة قصيدة من للرعية للشاعر أبي العتاهية

تحليل قصيدة "من مبلغ عني الإمام نصائحا متوالية" لأبي العتاهية:

الموضوع:

تدور القصيدة حول معاناة الرعية من جراء سوء الأحوال الاقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية، ومناشدة الخليفة للتدخل لرفع هذه المعاناة عنهم.

الوحدات الفكرية:

  • الوحدة الأولى (1-8): وصف الشاعر للغلاء الفاحش وقلة المكاسب وشدة المعاناة التي يعاني منها عامة الناس.
  • الوحدة الثانية (9-14): إبراز مظاهر تفاقم الأزمة من خلال شعور الأمهات بالعجز عن إرضاع أطفالهن، وكثرة اليتامى والأرامل الذين يعانون من الفقر المدقع.
  • الوحدة الثالثة (15-16): التأكيد على أن الشدائد تُظهر معدن الرجال الأصلي، وأن أصول الخليفة الطيبة تُلزمه بمساعدة المحتاجين.
  • الوحدة الرابعة (17-18): ختام القصيدة بتقديم النصيحة المخلصة للخليفة، والتأكيد على أن هذه النصيحة نابعة من حرص الشاعر ومحبته له.

الشرح:

المشكلة:

يعالج النص مشكلة اجتماعية واقعية وهي الغلاء الفاحش الذي أنهك كاهل الرعية، خاصة الضعفاء من الأيتام والأرامل.

مظاهر المشكلة:

  • غلاء الأسعار.
  • قلة المكاسب.
  • تفاقم الفقر والجوع.
  • معاناة الأطفال من جراء قلة الغذاء.
  • شعور الأرامل باليأس والإحباط.

المشاعر المسيطرة:

  • الحزن والأسى: يتجلى ذلك في وصف معاناة الرعية، خاصة الأطفال والأرامل.
  • الرغبة في تقديم النصيحة: يسعى الشاعر إلى إيصال معاناة الناس إلى الإمام وحثه على حلّها.

الأسلوب:

- استخدام الاستعارة:

  • "وأرى غموم الدهر رائحة تمر وغادية": تشبيه شبه فيه شدة المعاناة برائحة كريهة تملأ المكان.
  • "وأرى المراضع فيه عن أولادها متجافية": تشبيه شبه فيه قلة حليب الأمهات بسبب الجوع بِتَجَافِيِهن عن أطفالهن.

- الاستفهام البلاغي:

  • "من يرتجى في الناس غيرك للعيون الباكية؟" و"من يرتجى لدفاع كرب ملمة هي ماهية؟" و"من للبطون الجائعات وللجسوم العارية؟": يُستخدم الاستفهام للتأكيد على حاجة الناس الماسة للمساعدة، ولفت انتباه الإمام إلى مسؤوليته.

- التكرار:

  • تكرار كلمة "أرى" في بداية الأبيات: يُؤكّد على تعدد مظاهر المعاناة وشدتها.
  • تكرار الاستفهام بـ"من": يُحَفّز الإمام على مساعدة الفقراء والمساكين.
  • تكرار كلمة "لا": يُؤكّد على حب الشاعر للخليفة ورغبته في سلامته.

- المدح:

  • "يا بن الخلائف لا فقدت ولا عدمت العافية" و"إن الأصـول الطيبات لها فروع زاكية": يُثني الشاعر على الخليفة ونبله، مُتَوَسّلاً بذلك حثّه على مساعدة الرعية.

- الصراحة:

يُصَارِح الشاعر الإمام بحقيقة معاناة الناس دون مواربة.

الهدف من القصيدة:

يسعى أبو العتاهية من خلال هذه القصيدة إلى تحقيق هدفين رئيسيين:
  • إيصال معاناة الرعية إلى الخليفة: يقوم الشاعر بدور الوسيط بين الخليفة وشعبه، حيث ينقل إليه مظاهر البؤس والحرمان التي يعاني منها عامة الناس.
  • حثّ الخليفة على التدخل: يدعو الشاعر الخليفة إلى تحمل مسؤولياته تجاه رعيته، واتخاذ خطوات ملموسة لرفع المعاناة عنهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية.

الأسلوب:

اتّبع أبو العتاهية في قصيدته أسلوبًا بليغًا مؤثرًا، تميز بالخصائص التالية:
  • استخدام الصور الشعرية القوية: وظّف الشاعر العديد من الصور الشعرية المُعبّرة، مثل تشبيه غموم الدهر بالرائحة، وتشبيه المراضع بالمتجافيات عن أولادهن، مما أضفى على القصيدة قوة التأثير.
  • التكرار: لجأ الشاعر إلى تكرار بعض الكلمات والعبارات، مثل "أرى" و"من"، بهدف التأكيد على شدة المعاناة وتكثيف المشاعر.
  • الاستفهام الإنكاري: استخدم الشاعر الاستفهام الإنكاري ببراعة، مثل "من يرتجى في الناس غيرك؟"، مما أضفى على القصيدة سمة الاستعطاف والتأثير على مشاعر الخليفة.
  • الخاتمة المؤثرة: ختم الشاعر قصيدته بنصيحة مخلصة للخليفة، مؤكداً على محبته له، مما ترك انطباعًا عميقًا في نفسه.

الخلاصة:

يُعدّ نص "من مبلغ عني الإمام نصائحا متوالية" من أجمل القصائد التي تُصوّر معاناة الناس في ظلّ الظروف الصعبة، كما يُقدّم حلولاً واقعية لحلّ هذه المشاكل.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال