المذهب الطبيعي في التربية.. التركيز على الجسد وما به من عواطف وغرائز وميول وإعطاؤها الأهمية القصوى على حساب العقل وتضييق نطاق التربية وحصرها في الطفل

المذهب الطبيعي على العكس من المذهب المثالي؛ إذ يركز على الجسد وما به من عواطف وغرائز وميول، فيعطيها الأهمية القصوى على حساب العقل.

وإن كان من المعلوم أن هذا المذهب قد تجاوز من طرف التيار النفسي في التربية الذي يستمد أسسه من رائد المذهب نفسه (روسو)، حيث يرى (بأن اللجوء إلى علم النفس هو الإمكانية الوحيدة لتوفير المعيار الحقيقي لموضوعية البيداغوجيا).

ومما يؤخذ أيضاً على هذه النظرية تضييق نطاق التربية بحيث ينحصر في الطفل، الأمر الذي أدركت التربية المعاصرة خطأه وقصوره فوسّعت نطاق التربية ليشمل المراهق والراشد والشيخ، وهذا ما أكدت عليه الرابطة الدولية الجديدة - للتربية الجديدة.

أما المذهب البرجماتي، وهو ذلك المذهب الذي يحوّل (النظر بعيداً عن الأشياء الأولية والمبادئ والقوانين والحتميات المسلّم بها، (ويوجه) النظر نحو الأشياء الأخيرة: الثمرات، النتائج، الآثار.

فـإن مركـز الثقـل فـي اهتمامـه لا ينصبّ على الحقائق الثابتة، وإنما على ما يحصله الإنسان من منافع يستثمرها في حياته العلمية حتى إنه ينظر إلى الحقيقة على أنها هي المنفعة وفي هذا خلط واضح بين الحقيقة نفسها، والهدف الأساس من محاولة الظفر بها، فقد ينبغي أن يكون الغرض من اكتساب الحقائق هو استثمارها في المجال العملي والاستنارة بها في تجارب الحياة، ولكن ليس هذا هو معنى الحقيقة بالذات، فإعطاء المعنى العلمي - البحت - للحقيقة، وتجريدها من خاصية الكشف عما هو موجود وسابق! استسلام مطلق للشك الفلسفي الذي تحارب التصورية والسفسطة لأجله، وليس مجرد الاحتفاظ بلفظة الحقيقة في مفهوم آخر كافياً للرد عليه، أو التخلص منه، وما دام تيار الحياة متنامياً في سيره، فإن حقائق جديدة تلغي وتتجاوز الحقائق القديمة، فلا شيء يبقى ثابتاً!.

وفي ضوء هذه القناعة فإن أصحاب هذا المذهب يرون أن التربية والنمو صنوان وليس للنمو غاية تتجاوزه أو تعلو عليه، فغاية النمو هو النمو ذاته.

إن من عيوب هذا المذهب جعله الحياة الحاضرة محوراً وحيداً للتربية دون الالتفات للحياة المستقبلية، الأمر الذي جعله يفتقد قاعدة صلبة من المبادئ والأهداف الثابتة التي تضبط حركة الحياة، وتحمي الإنسان من التيه والقلق والتأرجح بين أحداث الحياة وتطوراتها المتلاحقة، وتلك نتيجة حتمية لإغفاله للجانب الروحي في الإنسان ورفضه للإيمان بما وراء المادة.

وهذا ما حكم على نظريته التربوية بالدوران في حلقة مفرغة.
فهي تدور مع حركة الحياة المادية حيث دارت من غير الاستناد إلى مبدأ عميق ومقياس دقيق تفصل بواسطته بين الغث والسمين، والصالح والطالح ضمن تراث الإنسانية المترامي الأطراف، وتنفذ بواسطته وراء أسوار الحياة المادية الضيقة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال