تمدن المجتمع الدرزي في إسرائيل.. طمس الهوية الدرزية الخاصّة وزعزعة الإطار الاجتماعي الديني الفريد لدى أبناء الطائفة الدرزية وإضعاف سلطة رجال الدين

المجتمع الدرزي في إسرائيل يسير في عملية سريعة للغاية من التمدن، أي الانتقال من المجتمع القروي إلى المجتمع المدني.
هذه العملية تتجلى بعدة بطرق: البعض يترك القرية الدرزية ويقطع صلاته بالمجتمع الدرزي، وهؤلاء يشكلون أقليّة، والبعض الآخر يختار العيش في عالمين.
هذا الخيار يميز الدروز الذين يسكنون في دالية الكرمل وعسفيا, حيث يعود هذا النمط من الحياة إلى القرب الجغرافي لهذه القرى إلى حيفا.
هؤلاء الدروز يعيشون في عالمين: يسكنون في القرية الدرزية، لكنهم يعملون ويقضون أوقات فراغهم في المدينة الكبيرة الغربية الحديثة.
وتظهر المشاركة في الحياة الاجتماعية اليهودية في اللقاءات التي تتم في المدينة مع الزملاء في العمل، الزملاء في التعليم الجامعي، الرفاق في الحزب أو أي نشاط آخر.
هذه الظاهرة أخذت تتجذر في المجتمع الدرزي.
وفي الوقت نفسه هناك توجه لتحويل القرية الدرزية إلى مدينة.
مثلا تشهد قرية دالية الكرمل فورانا على صعيد المطاعم، الكراجات والمصانع، حيث يتعلم السكان مواضيع مدنية، ويعيشون بأسلوب حياة مدني، لهذا فان سيرورة التمدن تحدث في القرية نفسها.
هذه الظاهرة أثر بروزا في القرى الدرزية في منطقة الكرمل منها في الجليل.
لكننا في الجليل أيضا نلاحظ حدوثها في القرى المجاورة للمدن مثل مدينتي نهاريا وعكا.
فكلما كانت القرى أبعد عن مراكز المدن، خفّت وتيرة العصرنة والتمدن فيها.
هذه التغييرات التي تحول المجتمع الدرزي تدريجيا لمجتمع مدني, تثير تخوفات جراء طمس الهوية الدرزية الخاصّة.
ذلك أنها تزعزع الإطار الاجتماعي الديني الفريد لدى أبناء الطائفة الدرزية، وهذا يضعف سلطة رجال الدين.
إن المجتمع الدرزي يواجه مسألة جديدة: هل سيفضل الجيل الشاب والمثقف مصلحة الطائفة والحفاظ على سلامتها وهويتها الفريدة على مصلحته الشخصية باعتباره فردا يعيش في مجتمع عصري غربي بدون أية هوية خاصّة؟
إن من يخشى الانصهار وفقدان الهوية الدرزية الفريدة يرى أنه يجب إكساب الجيل الشاب قيما أساسية وجوهرية تتعلق بالتراث الدرزي، والتقاليد الدرزية والهوية الدرزية الخصوصية، و،نه يجب القيام بذلك من خلال جهاز التربية والتعليم مع محاولة إيجاد طريقة للدمج ما بين التراث والتطور.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال