الموقف المصري من النزاع النجدي الحجازي.. إبقاء الحجاز للحجازيين من حيث الحكم وإجراء استفتاء عام وبإشراف ممثلي الاقطار الاسلامية لانتخاب الحاكم الجديد للحجاز

كانت أولى المبادرات المصرية بشأن الحرب القائمة في الحجاز إرسال بعثة طبية تابعة للهلال الاحمر المصري في حوالي كانون الأول 1924، لتسهم في معالجة المتضررين من الحرب. غير أن الحكومة المصرية لم تنو قصر خدماتها على جدة فقط.

وطالبت بإرسال قسم من البعثة الى مواقع القوات النجدية الامر الذي رفضه الملك علي... ريبة منه بأهداف البعثة التي وصفها بأنها بعثة سياسية وليست مجرد بعثة خيرية خصوصا وانه قد تسلم من مصر ما يحذره منها.

ولعل ما يبرر هذا الحذر طبيعة العلاقات الحجازية المصرية المتردية في السنوات الأخيرة.

اما المبادرة الاخرى التي اتخذتها الحكومة المصرية، فهي إرسال وفد رسمي، وبأمر من الملك فؤاد هدفه التحقق من الاضرار التي لحقت بالأماكن المقدسة كما أشيع حينه، ومحاولة الوصول الى تسوية سلمية بين الجانبين.

وقد التقى الوفد المصري  بالملك علي توجه بعدها (في 21 أيلول 1925) الى مكة واجتمع بابن سعود وتبادل وجهات النظر بشان النزاع الدائر، ابدى خلالها عبد العزيز بن سعود عدم استجابته لدعوة الصلح التي اقترحها الوفد المصري، واقترح مستشاره (حافظ وهبه) نيابة عنه، بعض الاسس التي يمكن التشاور بشأنها تقرير مصير الحجاز.

تضمنت مايلي:
1- إبقاء الحجاز للحجازيين من حيث الحكم، على ان يحدد العالم الاسلامي الحقوق المتعلقة بالاماكن المقدسة.
2- إجراء استفتاء عام وبإشراف ممثلي الاقطار الاسلامية لانتخاب الحاكم الجديد للحجاز.
3- تعتبر الشريعة دستورا للحجاز.
4- يتمتع الحجاز باستقلال داخلي.
5- ينتهج الحجاز الموقف الحيادي.
6- لا يحق لحكومة الحجاز عقد اتفاقية اقتصادية مع دولة غير اسلامية.
7- تبنى مندوبو الاقطار والشعوب الاسلامية مهمة تحديد حدود الحجاز ووضع نظمه المالية والاقتصادية والادارية.

وقد طلب ابن سعود من الوفد المصري نقل هذه الاقتراحات الى الملك فؤاد لتوضع موضع التنفيذ حالة موافقة الاخير عليها.

عاد الوفد المصري الى بلاده دون ان يكون هناك ما يشير الى جهوده واضحة بذلها لتسوية النزاع، وبكلمة اخرى لم يكن الصلح هدفه الرئيس من مجيئه للحجاز، وانما يكاد يكون هذا امرا ثانويا، وهذا ما اعرب عنه امين الريحاني الذي عاصر هذه الاحداث، ولعل ذلك ياتي انسجاما مع الخلافات التي كانت تشوب العلاقات الحجازية المصرية خلال هذه الفترة كما تقدم.

ومن هنا فإن الوفد لم يكن يؤلف ـ بشكل عام ـ اكثر من كونه مستمعا وناقلا لاقتراحات عبد العزيز بن سعود للملك فؤاد بشأن مصري الحجاز. وجل ما قام به، تفقده للاماكن الدينية ورفعه تقريرا بأوضاعها للملك فؤاد وحتى هذا الاهتمام يكاد يشترك من حيث الاهمية بغرض آخر ويعني به قضية الخلافة.

اذ مازالت تقلق بال الملك المصري، الذي رغب كما يبدو استطلاع امرها من عبد العزيز بن سعود، ولعل في المؤتمر الذي عزمت مصر على عقده لمناقشة هذا الامر في القاهرة واضح على هذه التطلعات.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال