مسؤولية المعلم في الإدماج الداخلي للطفل.. نمو القدرات اللغوية وظهور المشكلات العاطفية وبناء العلاقات الاجتماعية في أولياتها الأساسية

إذا انتقلنا من إطار الإدماج الخارجي الذي وضحنا فيه أهمية تكييف الفرد مع الجماعة إلى إطار الإدماج الداخلي والذي قصد به صاحب النص توحيد جميع الطاقات التي يمتلكها الفرد، ورعايته منذ مرحلة الطفولة الأولى، أي في مرحلة ما قبل الدراسة النظامية، فإننا نلاحظ أن معظم الدراسات النفسية تؤكد على أهمية الرعاية في هذه السنوات الست الأولى.

إن الأطباء النفسيين يتفقون على أن هذه السنوات تلعب الدور الأكبر في تشكيل الشخصية وبنائها، ففي هذه السنوات تنمى القدرات اللغوية، وتظهر المشكلات العاطفية، وتبنى العلاقات الاجتماعية في أولياتها الأساسية.

 وبناء على هذه الآراء التي تدعمها التجربة ،فإن 50℅ من النمو العقلي للطفل حتى سن السابعة عشرة يعتمد أساسا على المكتسبات والتجارب التي حصل عليها الطفل في السنوات الأربع الأولى من حياته، بينما يتكون 30℅ من النمو العقلي بين سن الرابعة والثامنة.

وهكذا نجد أن الأطفال في سن الدراسة النظامية أي بين السنة السابعة والسابعة عشرة، إنما يسعون إلى تكملة 20℅ فقط من عملية النمو العقلي للشخصية، ومن تم أهمية التربية في السنين الأولى.

إن نمو الطفل في تلك المرحلة الحرجة يحتاج إلى الكثير من الاهتمام لأنها مرحلة تتميز بالنمو السريع، وتنفرد بأنها الفترة التي تبرز فيها القدرات.

إن الطفل في هذه المرحلة غير قادر على التمييز بين ذاته والآخرين والأشياء، ولا يكاد يحدد نفسه في الزمان والمكان ، فهو يميل إلى الانصهار في العالم المحيط به، فلا يفرق بين صوته وأصوات الآخرين من حوله، ويبرز هذا التمركز الذاتي في جميع تصرفات الطفل وسلوكه.

وإذا نظرنا إلى مراحل النوم في فترة التمدرس أو ما قبل التمدرس سواء في إطار الإدماج الخارجي أو الداخلي، نلاحظ أهمية المسؤولية التربوية الملقاة على عاتق المعلم، من حيث تدعيم شخصية الطفل وتنمية قدراته اللغوية والعقلية والعاطفية والاجتماعية.

وكذلك في تجاوزه لمرحلة التمركز الذاتي وانتقاله إلى مرحلة تظهر عنده فيها إمكانيات الارتباط مع الآخرين في العمل والمناقشة واللعب، ليصبح قادرا على الفهم والحوار وتقديم الأدلة والبراهين لإبراز وجهة نظره، وهذه هي مرحلة الاندماج والتعاون الجماعي الذي يساعد على التحصيل المدرسي بشتى ألوانه.

ومما لاشك فيه أن إلمام المعلم بالفروق الفردية في الذكاء والشخصية، لمن شأنه أن يمهد له السبيل لفهم قدرات الأطفال وجوانب انفعالاتهم وميولهم. 

ونقصد بالفروق الفردية تلك الخصائص التي يتميز بها كل تلميذ عن آخر، من حيث الصفات الجسمية والعقلية والخلقية والمزاجية.

وتعتبر الفروق العقلية من أهم مظاهر الفروق الفردية. وانطلاقا من تفهم هده الفروق وخصائصها وعواملها، يمكن للمعلم أن يحل كثيرا من المشاكل النفسية والتربوية للأطفال ويتمكن من تذليل الصعوبات التي تنشأ عن الإدماج.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال