إشعار الطفل بالمحبة هو ما كان عليه الصلاة والسلام يفعله،ويأمر أصحابه به،ويحضهم عليه ويراقب تنفيذه هنا وهناك.
وإليكم بعض الأمثلة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -e- يَخْطُبُ فَجَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضى الله عنهما - وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ فِيهِمَا فَنَزَلَ النَّبِىُّ -e- فَقَطَعَ كَلاَمَهُ فَحَمَلَهُمَا ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ قَالَ « صَدَقَ اللَّهُ (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) رَأَيْتُ هَذَيْنِ يَعْثُرَانِ فِى قَمِيصَيْهِمَا فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ كَلاَمِى فَحَمَلْتُهُمَا ».[1]
وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ،قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى عَلَى النَّبِيِّ e وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا،وَهُوَ يَقُولُ:" نِعْمَ الْجَمَلُ جَمَلُكُمَا،وَنِعْمَ الْعِدْلانِ أَنْتُمَا ".[2]
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ e فَقَالَ:أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ،فَقَالَ النَّبِيُّ e:" أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ؟ "[3]
وعَنْ صَعْصَعَةَ عَمِّ الأَحْنَفِ قَالَ دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَأَعْطَتْهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً ثُمَّ صَدَعَتِ الْبَاقِيَةَ بَيْنَهُمَا.قَالَتْ فَأَتَى النَّبِىُّ -e- فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ « مَا عَجَبُكِ لَقَدْ دَخَلَتْ بِهِ الْجَنَّةَ ».[4]
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَسْأَلُ وَمَعَهَا صِبْيَانٌ،فَأَعْطَتْهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ،فَأَعْطَتْ كُلَّ صَبِيٍّ تَمْرَةً تَمْرَةً،وَأَمْسَكَتْ لِنَفْسِهَا تَمْرَةً،فَأَكَلَ الصِّبْيَانُ التَّمْرَتَيْنِ،فَعَمَدَتْ إِلَى التَّمْرَةِ،فَشَقَّتْهَا نِصْفَيْنِ،فَأَعْطَتْ كُلَّ صَبِيٍّ لَهَا نِصْفَ تَمْرَةٍ،فَجَاءَ النَّبِيُّ e،فَأَخْبَرَتْهُ،فَقَالَ:وَمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا ؟ لَقَدْ رَحِمَهَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهَا صَبِيِّهَا"[5]
وينبغي ألا يغرب عن البال أن الأخذ بالاحتياطات اللازمة للحيلولة دون اشتداد الحسد عند مقدم طفل جديد من أهم ما ينبغي أن يعتني به المربون ولاسيما الأم.
هذه الاحتياطات يجب أن تبدأ قبل عدة أشهر من الولادة كتغيير سرير الطفل الأكبر، أو إرساله إلى الروضة.. ولا بأس بالسماح للأخ الكبير بالمساعدة في شؤون الطفل الجديد عند إلباسه، أو تغسيله، أو إطعامه، ولا بأس كذلك بالسماح له بأن يلاعب أو يداعب أخاه الصغير ولكن مع شيء من المراقبة مخافة إيذائه،وعندما تحمل الأم الوليد لإرضاعه،فيستحسن من الأب أن يداعب أخاه الأكبر،ويحادثه ويلاطفه ليشعره بالمحبة والعطف والاهتمام..
والمقصود على العموم إشعار الأخ الأكبر بأنه محبوب، وأنه المراد، وأنه محل العطف والعناية كأخيه الوليد سواء بسواء.
وهذا ما كان يوجه إليه المربي الأعظم (ص) في الأحاديث التي مر ذكرها،وسبق تعدادها..
ألا فلينهج المربون طريقة رسول الله (ص) في إشعار الطفل بالمحبة إن أرادوا تكوين شخصيات أطفالهم على الحب والتعاون والإيثار، وتحريرهم من الحقد والأثرة والأنانية.
[1] - سنن النسائي- المكنز - (1424) صحيح
[2] - المعجم الكبير للطبراني - (3 / 87) (2595) ضعيف
[3] - الْأَدَبُ الْمُفْرَدِ لِلْبُخَارِيِّ (90 ) صحيح
[4] - سنن ابن ماجه- المكنز - (3799 ) صحيح -صدع:شق
[5] - المستدرك للحاكم (7349) صحيح
التسميات
تربية الطفل