نزاهة عمر بن الخطاب: عندما يُضحّي الابن من أجل أبيه

قصة نزاهة عمر بن الخطاب:

تُروى هذه الحكاية كنموذجٍ مشهورٍ على نزاهة وعدل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حيثُ تُجسد مدى حرصه على تطبيق العدل والمساواة بين الرعية، حتى مع أقرب الناس إليه.
ففي أحد خطاباته، وقف عمر بن الخطاب على المنبر ليُخاطب المسلمين في أمرٍ جليل، فاستهل خطابه بحمد الله والثناء عليه، ثمّ خاطب الحاضرين قائلاً: "أيها المسلمون اسمعوا يرحمكم الله".

لكنّ سلمان الفارسي، أحد كبار الصحابة، نهض مُقاطعاً خطاب عمر، وقال: "واللهِ لا نسمع، واللهِ لا نسمع!".
تعجب عمر من ردّة فعل سلمان، فسأله في لهفة: "ولمَ يا سلمان؟".
فأجابه سلمان: "ميَّزت نفسك علينا في الدنيا، أعطيت كلاً منا بردةً واحدة، وأخذت أنت بردتين".

شعر عمر بن الخطاب بِثقل هذه التهمة، فنظر حوله في المصلّين باحثاً عن ابنه عبد الله، حتّى وجده، فسأله أمام الجميع: "أين عبد الله بن عمر؟".
فنهض عبد الله بن عمر قائلاً: "ها أنا ذا يا أمير المؤمنين".
فسأله عمر: "من صاحب البردة الثانية؟".
أجاب عبد الله: "أنا يا أمير المؤمنين".

فأوضح عمر للجميع قائلاً: "إنني كما تعلمون رجل طويل، ولقد جاءت بردتي قصيرة، فأعطاني عبد الله بردته، فأطلت بها بردتي".
عندها أدرك سلمان الفارسي عظم عدل عمر ونزاهته، فانهمرت دموع الغبطة والثقة من عينيه، وقال: "الحمد لله، والآن نسمع، ونطيع يا أمير المؤمنين".

وبعد هذه الواقعة، خيّم شعورٌ بالسكينة والاطمئنان على قلوب المسلمين، فقد زاد إيمانهم بِعدل أمير المؤمنين، وتأكدّوا من نزاهته وحُسن سلوكه، حتى مع أقرب الناس إليه.
تُعتبر هذه القصة درساً بليغاً في أهمية العدل والمساواة، وتُجسّد مدى حرص القائد العظيم على تطبيقها، حتّى يُصبح قدوةً يُحتذى به في النزاهة والاستقامة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال