بعد اختفاء الرواد الأوائل من الذين جاهدوا في سبيل إعلاء كلمة الله تعال تشتكي الزعامة الطرقية في السنغال اليوم من أزمة زعيم يتمتع بشخصية تكون على مستوى الأحداث والمستجدات في الساحة الإسلامية: وذلك إما لأن بعضهم انشغل بجمع حطام الدنيا فحاد عن حياة الشظف إلى حياة البذخ والترف، وإما لأنهم لم يعد لديهم ذلك الاندفاع الذي كان عند الرعيل الأول، لتدني مستواهم الثقافي والوازع الديني؛ فأغلب الزعامات الآن أصبحت تجترّ أمجاداً غابرة لكنهم لم يجودوا بإضافات جديدة على الصرح الذي ابتناه الأسلاف.
هناك مجالات رحبة على صعيد الدعوة إلى الإسلام تنتظرهم، وهم وحدهم المؤهلون للنجاح فيها لما يتوفرون عليه من مالٍ وجاه، ونفوذ مادي ومعنوي؛ فقد سبق أن أشرنا في مستهل هذا البحث أن في السنغال جماعة لا تبرح تحتفظ بالمعتقدات التقليدية، وأن الكنيسة النصرانية تبذل المستحيل لاحتوائها، فلو تضافرت جهود الزعامة الطرقية للتصدي للنصرانية وقطع الطريق عليها لأسدت بذلك خدمة جلى لدينها، وهيهات.. فهي منشغلة عن قضايا دينها.
ومن المؤسف أن أي وحدة في العمل لا تجمع هذه الطوائف، فكل جماعة مستقلة بذاتها لا تربطها بالجماعات الأخرى سوى صلات واهية لا تتجاوز حدود المجاملة، مما يستبعد أدنى اتفاق بينها في أي موضوع مهما كانت حاجة الدعوة الإسلامية إليه.
ومما يبعث على الأمل أن عدداً قليلاً من الشيوخ نزلوا من أبراجهم العاجية، وبدؤوا يبنون المدارس الحديثة، ويعتنون بها، وهم في هذا المجال سيحققون نجاحاً باهراً.
التسميات
طرق صوفية بالسنغال