يعتبر علم المنطق في طليعة العلوم العقلية التي أفرزتها الحضارة الإغريقية، منذ زمن بعيد (3000 سنة تقريبا)، ومن ذلك الوقت وهذا العلم بقواعده ومبادئه ومباحثه يعمل على حماية الفكر البشري من الوقوع في التناقض مع نفسه.
وهذا ما أكد عليه مجموعة من المناطقة من العصر القديم إلى العصر الوسيط واستمرارا مع بدايات العصر الحديث؛ على رأسهم المؤسس الأول أرسطو- الذي أولى اهتماما خاصا بهذا العلم واعتبره أشرف علم وهو يقول عنه «علم السير الصحيح أو علم قوانين الفكر الذي يميز بين الصحيح والفاسد من أفعال العقل».
وقال عنه بأنه آلة العلم وموضوعه الحقيقي هو العلم نفسه أو صورة العلم.
وقد اعتمد على المسلمة القائلة بأنه ما دام التفكير الإنساني معرّض بطبيعته للخطأ والصواب.
وقد اعتمد على المسلمة القائلة بأنه ما دام التفكير الإنساني معرّض بطبيعته للخطأ والصواب.
ولأجل أن يكون التفكير سليماً وتكون نتائجه صحيحة، أصبح الإنسان بحاجة إلى قواعد عامة تهيئ له مجال التفكير الصحيح وهذا سبب رئيس أن تكتشف كل تلك القواعد من قبل أرسطو أو غيره.
وهذه المصادرة تأخذنا للبحث عن مجمل الحجج التي أسست هاته الأطروحة نبدأها بالحجة القائلة بأن المنطق الصوري يمتلك تلك الوظيفة لأن الإنسان كان في حاجة أن يلتفت للذاته العارفة ويتعرف عليها جيدا لا سيما أن يمحص النظر في بنية تفكيره ذاتها كتصورات ومفاهيم وأساليب ومناهج حيث كان الإنسان - قبل أرسطو وغيره - يعيش بها في حياته لا يعرف مسمياتها ولا يحسن استخدامها.
فها هي مبادئ العقل (مبدأ الهوية، مبدأ عدم التناقض، مبدأ الثالث المرفوع، مبدأ السبب الكافي، مبدأ الحتمية، مبدأ الغائية) مثلا ساهم كشفها إلى تعزيز دورها التأليفي للبنية المنطقية للعقل ناهيك على أنها شرط للحوار والضامن للتوافق الممكن بين كل العقول باختلاف أعمار أصحابها وأجناسهم وسلالاتهم وثقافاتهم وهي تحدد الممكن والمستحيل في حياة الإنسان السبب الذي جعل ليبنتز يتمسك بهته الأهمية حين يقول: «إن مبادئ العقل هي روح الاستدلال وعصبه وأساس روابطه وهي ضرورية له كضرورة العضلات والأوتار العصبية للمشي».
أما الحجة الثانية فتكمن في دور تلك القواعد على إدارة المعرفة الإنسانية التي ينتجها الفكر الإنساني وإقامة العلوم (الحسية، والعقلية) عليها. فها هي مثلا قواعد التعريف التي تنتمي إلى مبحث التصورات والحدود ساعدت كثيرا الباحثين على ضبط مصطلحات ومفاهيم علمهم بفاعلية ووضوح وموضوعية أكبر وتزداد هذه العملية ضبطا وأهمية خاصة إذا تعلق الأمر بالتصورات الخاصة بمجال الأخلاق والسياسة والحقوق والواجبات.
التسميات
فلسفة