إن الكفاية ليست سلوكية في حد ذاتها، ولكن سلوكيتها تستمدها من النشاط الوظيفي والهادف الذي يصدر عنها.
لذلك فإذا كانت الكفاية تلاحظ بواسطة النشاط النوعي الذي يميزها، فإنه ليس محرما التفكير في كون الكفاية تتضمن داخل الفرد بشكل واعي أو غير واعي، عمليات عقلية (باطنية) تمكن من تنظيم و ترتيب أنشطة تستهدف غاية مأمولة.
وفي هذا السياق يعرف بيير جيلي P. Gillet الكفاية بكونها "نظام من المعارف المفاهيمية (الذهنية) و المهارية (العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية، تمكن في إطار فئة من الوضعيات، التعرف على المهمة ـ الإشكالية و حلها بنشاط و فاعلية".
إن ما يضيفه هذا المفهوم للكفاية باعتبارها نشاطا وظيفيا، ليس فقط تأكيد حضور الذات العارفة بل أيضا حضور الذات ـ الشخصية.
ومن هنا التمييز الواضح بين الفهم السلوكي للنشاط التربوي على اعتباره نشاطا قابلا للانحلال في أهداف سلوكية و إجرائية وبين الفهم المعرفي ـ الوظيفي.
إذ لا توجد كفاية دون هدف، فإذا كانت الكفاية هي القدرة على تنظيم الحركات والأعمال الأولية في أفق نشاط اجتماعي، فإنها تنظيم يوظف النية والقصد، نية صاحبها الذي يمتلكها.
لذلك فإن تشغيل الكفاية حتى في أبسط صورها، يعتبر مشروعا، لأنها ليست سلسة من السلوكيات المتلاحقة والمثارة آليا بواسطة المنبهات، بل إنها سلوكيات إرادية.
بطبيعة الحال إن الشخص أثناء العلم و الإنجاز، يستجيب لمنبهات تخبره بجدوى أفعاله وبمدى ملائمة المراحل للغاية النهائية، لكنه هو الذي يختار تلك المعلومات قصد ضبط نشاطه، ويستبعد في نفس الوقت، الاستجابات التي لا ترتبط بالنشاط الحالي، مما يضمن الاستمرار الإرادي الواعي للنشاط، وهكذا أن نكون أكفاء يعني أن نكون قادرين على تطبيق عدد من الأفعال ذات وظيفة اجتماعية ـ تقنية.
ونكون قادرين كذلك، على العمل والاستمرار فيه دون أن يشغلنا عنه شاغل.
ولا بأس بأن نذكر هنا بأن بعض التوجيهات تتحدث عن "إنجاز العمل إلى نهايته" (رحم الله من عمل عملا و أتقنه) كقيمة أو ككفاية، لعلها تشكل جوهر كل الكفايات الأخرى.
و سنعود مجددا إلى هذا التعريف عند استعراضنا لأبحاث مركز الدراسات البيداغوجية للتجريب و الإرشاد CEPEC على اعتبار أن جيلي Gillet يعد من أبرز نشطاء هذا المركز.
التسميات
كفايات