حاولنا أن نرصد النزاعات التي حدثت علي مر تاريخ دارفور وحاولنا أن نتعمق كثيرًا في شكل وطبيعة هذه الصراعات:
هل هي نزاعات ذات طابع ديني أم ذات طابع سياسي أم أنها ذات طابع عرقي أم أنها نزاعات قبلية ترتبط بالوضع القبلي وترتبط بثقافة البيئة القبلية؟
وهل تختلف هذه النزاعات عن مثيلتها في دول أفريقيا القريبة الشبه بالأوضاع في دارفور؟
لقد اكتشفنا من خلال رصد المعلومات والبيانات أن ثمة تشابهًا بين النمط القبلي لحركة ومسيرة القبائل ليس في دارفور وحدها ولا حتى في أفريقيا فقط وإنما وجدنا هذا النمط سائدًا ومنتشرًا في كل البيئات التي تنتشر فيها القبائل وتنتشر فيها الثقافة القبلية.
ولهذا فالذي يريد أن يحلل الأوضاع في المناطق التي تنتشر فيها القبائل وينتشر فيها العرف القبائلي والثقافة القبائلية لابد وأن يراعي الأنماط الثقافية السائدة والأنماط الاجتماعية المنتشرة حتى يستطيع أن يفهم حقيقة ما يجري.
فإذا أردنا تطبيق هذه القاعدة انطلاقا من علوم الأنثروبولوجية علي دارفور فإننا نستطيع أن نؤكد أن ما يجري في دارفور يجري بنفس الشكل في كل مدن السودان.
وإذا أردنا أن نوسع الدائرة أكثر فإننا نقول إن ما يجري في دارفور لا يختلف عما يجري في سائر أفريقيا، ولن نمد حدودنا إلي القارات الأخرى التي ينتشر فيها مثل هذه الأنماط الثقافية القبلية وإنما نستعرض فقط بعض الأحداث التي تجري في أفريقيا لنقرب بها دارفور فقط وإنما هي حالة عامة تسود في أفريقيا.
إذن نحن أمام أزمة ثقافية اجتماعية تخص الأوضاع الأفريقية ويجب أن تحل أفريقيا بوسائل أفريقية ولا ينبغي أن يأتي أحد من الخارج بفكر مختلف وثقافة مختلفة لكي يحل أزمات أفريقيا، ولو أن هؤلاء صادقون ويريدون حلا لأزمة أفريقيا ككل لساهموا بتنمية أفريقية لأن الغرب هو الذي نهب ثروات أفريقيا.
فيقال مثلا إن أكثر من 60% من ثروات أمريكا التي بنيت عليها الدولة هي ثروات نهبت من أفريقيا وكان الأولي بهؤلاء اللصوص أن يقوموا بتنمية أفريقيا اقتصاديا وثقافيا وعلميا، وإن هذه التنمية بلا شك كانت ستساهم كثيرًا في حل أزمات أفريقا ككل، لكن الفقه الغربي فقه الهيمنة لا يعرف إلا استلاب الثروات وما جاءوا إلي دارفور إلا بعد أن اكتشفوا أن بها بترولاً ويورانيوم ومعادن كثيرة وإلا فلماذا لم يتحركوا لإنقاذ رواندا التي أدت المعارك الطاحنة فيها بين الهوتو والتونسي إلي عشرات الملايين من الضحايا والجرحى والمشردين؟.
لم يتحرك الغرب لأن هذه البلاد انتهت قبل ذلك ولم تعد فيها ثروات، وإنما ظهور الثروات في دارفور هو الذي رشحها لتكون ضمن دائرة الاهتمام الغربي وضمن دائرة الاستهداف الغربي.
ولنكن واضحين.. فإن الغرب وعلى رأسه أمريكا لم يتحرك من أجل سواد عيون أهالي دارفور وإنما يتحرك لمصالحه فقط والذي يقطع بأنه يتحرك حسب أجندته ولا يملك أي بعد أخلاقي تلك المذابح التي تجري للشعب الفلسطيني بلا هوادة وتساهم فيها أمريكا بالطائرات والأسلحة والمعونات اللوجستية والدعم المالي والدعم السياسي والإعلامي.
التسميات
نزاع دارفور